هل تعلم أين الحقيقة؟





هل هناك أشياء؟ هل هناك حقيقة للأشياء؟ هل ما نراه حقيقة؟ كيف هو الكون من حولنا ؟ من هو صاحب النظرة الصحيحة للكون؟ أنا أم أنت أم الجمل ؟ هل الوردة الصفراء صفراء؟ وإذا كانت صفراء فهل تراها النحلة صفراء أيضا؟ أين الحقيقة هل هي في نظرتنا الملونة الطبيعية أم في نظرة أشعة أكس التي تظهر الأشياء بدون ألوان؟ هل أشعة أكس تظهر لنا الأبيض والأسود أم أننا نحن من نراها هكذا؟ أليس من الممكن أن الطبيعة من حولنا عديمة الألوان ولكن الله جعل على عيوننا ما يشبه العدسات الملونة فتحول المشاهد إلى ألوان جميلة وهي على غير حقيقتها؟ أليس من الممكن أننا كائنات ضئيلة الحجم جدا ولكننا نعيش داخل شجرة بلوط ضخمة؟ هل النار حارقة ؟ إذا كانت حارقة فلماذا لا تُحرق الفولاذ؟ هي حارقة بالنسبة لمن؟ وما هي الألوان الفوق البنفسجية التي لا يراها الإنسان؟ أليس في ذلك دليلٌ على أننا محدودو القدرات.
-
رؤيتك للأشياء لا تكون بالضرورة هي النظرة الصحيحة. فأنا عزيزي القارئ متعصبٌ للنسبية بل وأصبها صبا على كل ما حولي. فهناك علاقة تختلف باختلاف الرائي والمرئي والحاس والمحسوس والشامِ والمشموم. وقد ترى أنت عزيز القارئ وكأنها ميتافيزيقا من خارج الأكوان أو صفصفطة أريد سوقها لا تسمن ولا تغني، ولكن أعطني انتباهك قليلا ورش عليه قليل من التواضع، ثم خذ ما تريد منها واترك الباقي لهم.
-
فمثلاً في عالم الحشرات هناك حشرة ترى الوردة الحمراء حمراء وهناك من تراها قاتمة فقيرة الألوان بل وهناك ما لا يراها أصلا، وهذا هو كلام العلماء وما توصلوا إليه و لك حرية البحث والتقصي.
إذن أين الحقيقة ؟ أنت يا بني آدم تمتلك وسائل وحواس محدودة وهبها الله لك و بها تحكم على العالم من حولك بناء على تصورك على الشكل واللون الرائحة والإدراك.
قد تُعجبك رائحة الياسمين ولكن هل هي رائحة جميلة فعلا ؟ وجميلة لمن؟
-
بعض الكائنات الحية قد تنفر منها، ولو كان بإمكانك محادثة حشرة تعيش في الأماكن القذرة وتسألها عن الروائح من حولها، فإنها قطعا ستثبت لك أن ما حولها من أجمل روائح الكون. بل وستتعجب منك ومن مقدرتك على تحمل رائحة العطور الفرنسية، فهي شذًا و زكية لنا نحن فقط، نتنة كريهة لغيرنا. إذن أين الحقيقة؟ هذه الحياة عزيزي القارئ تناسبية في كل أمورها حتى في العلاقات البشرية . فقد تحكي القصة أو الحادثة المحزنة بتفاصيلها والمبكية بأحداثها فتذرف الدموع وتتصارع العبرات وعلى النقيض يسمعها الآخر فيراها مفرحة مضحكة له هو، فذلك يعتمد على نسبيته في تناولها، ويخرج حكمه بناءً على نظرته فقط.
-
أما ترى أن هناك كائنات تفرح للمجازر التي تحدث في سوريا!!
بعض الحشرات قد تطلق علينا معشر البشر اسم ( مجتمع الحشرات ) لأننا حشرات في نظرها وهي في كامل بشريتها التي تراها هي بشرية. وفي أمم غيرنا يطلقون على الأبيض أسود وعلى القذر جميل وعلى المصيبة سلامة، كلها نسبة وتناسب وقد يساعدك هذا التفكير في فهم ما حولك وأنه ليس دائما من سبك وشتمك قد سبك وشتمك . هذا مثال لا أكثر .
-
أيضا تعال معي وتناول هذا، هل كوكب الأرض كبير؟
لا تجب على السؤال حتى تلتقي بذرة صغيرة على صخرة كبيرة وتسألها : هل الصخرة التي أنتِ فوقها كبيرة؟ ماذا ستكون إجابتها؟
لو تخيلنا أن بإمكاننا العودة للوراء ومجالسة ديناصورا عملاقا من العصور السحيقة وسألناه عن شجرة النخيل ؟ لقال هذه من الحشائش هداك الله.
الصخرة كبيرة للذرة صغيرة لك ، والشجر كذلك. إذن فالإجابة على السؤال يحتم علي السائل تفنيد المصطلحات وتبيان المعاني. (كبير)  عندما قالها ( كبيرٌ بالنسبة لمن)؟
أيضا عدم رؤيتك للأشياء لا يعني أنها غير موجودة فالذرة الصغيرة لا تراك مع أنك موجود. ولو أخبرناها أنك حيُ تعيش بالقرب منها وتفسد عليها حياتها لما صدقت ذلك ولانقلبت على ظهرها ضاحكة مستهزئة. ولكن هل معها ظهرٌ تستلقي عليه ؟ وإذا كان معها ظهر فهل هي تستلقي مثلنا إذا شعرت بالتعب؟ وهل يوجد في حياتها تعبٌ أصلاً؟
الأفعى سريعة جدا ولكنها بطيئة جدا .سريعة لنا معشر البشر بطيئة جدا لنسر يهوي من السماء. الجبل ضخم أمامك ولكن أليس من الممكن أنك حشرة على صخرة صغيرة بالنسبة لكائنٍ آخر عملاق جداً أنت لا تراه ولكنه يراك الآن ويجعل الأخشاب في طريقك والأحجار كما تفعل أنت بتلك الحشرة.
-
وفي النهاية انظر لهذا، يقول عز وجل (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون( وذكر مما تعدون أنتم أيها البشر وليس لغيركم من الأمم.