حاول مرة أخرى .







بين أودية النومِ السحيقة وقمم جبال النشاط الشاهقة تجدُ أماكن وعرة، تحوي الصخورَ القاسية والأشواكَ الحادة والسباعَ الضارية والأفاعي السامة. تكون لك كالسدِ المنيعِ، فلا قمةً ارتقيت ولا وادياً سلكت. يسميها البعض ( الأرق ) وعند أهل البيان واللسان يقال لها ( منطقة القلق) . تسقط أجفان عينيك فيقف شعر رأسك، يهدأ نبض قلبك فتشرع حينها خلايا عقلك بتوهم الأوهام وتخيل الأحلام.
تريد شراء النوم فإذا بالسعر غالي جداً في زمن تدهور الاقتصاد العالمي، تتمنى الغفوة و تسوق لها الجاه لخطبتها فيصيبها الكبرُ والغطرسة، تطلب ودَ الغمضةِ فتولي منك هاربةً وكأنك قاطع طريق، تذهب لمحادثة نومةٍ صغيرة فتُعرضُ عنك ولا تلقي لك بالاً. أرقُ عقلك يتمثلُ لك أشياءً تسبح في ظلامِ ليلك الكئيب، فتارة ترى نفسك مع فتاةٍ حسناء ثم تنقلب فإذا هي عجوز شمطاء، تفتح خزائن الذهب فتجد فيها الحصى والحجارة . تبدأ بمداعبة أهداب عينيك فتسحبها بأصابعك للأسفلِ وتضعُ عليها قليلا من اللعاب عسى أن تلتصق وتغفو. تمارس تمارين التنفسِ والاسترخاءِ ولا جدوى ، لن يؤنسك إلا جمر مضجعك تتقلبُ عليه حتى تُكوى جنوبك .
تعدُ الخراف حتى تمتلئ الحظيرة ، تتلمس شعر رأسك لعلك تحصيه فتمل وتضجر .
القلب فارغٌ من العشق، والعقل خاوي من الفكر. تلجأ للعبة تَلَمُّسِ جسدك وكأنك لا تعرفه، تحكُ أذنيك وتهرش رقبتك وتدغدغ قدميك فتضحك كالمجنون حتى يُسكتَك وصولك لشقوق كعبيك. يا لهذا الليل الطويل ألا انجلي !!
تختمرُ في الرأس فكرةٌ، فتلجأ للورقةِ فتسحبها فتفقد القلم في الظلام فتلعنه وتطيرُ الفكرة. تنقلبُ على بطنك ثم تعودُ على ظهرك،  تجرب الجنب الأيمن ثم الأيسر ، تتدلى من السرير ، ترفع رجليك، تمارس طفولةً في غير حينها .
يبزغُ نور الفجر لم تنمْ ولم تستيقظ ، يتراءى أمامك خيال النوم وهو يستهزئ بك مخرجاً لسانه ويقول ( حاول ليلة أخرى ) .