الزلايب المُستضبعة .





أسوقُ العذر مُقدَماً، وأجتلبُ العفو مُعظِماً، القراء الأفاضل والأخوة الأكارم، لِعنوانٍ مُهلْهلاً كتبته، وأحرفٍ عامية نسختها تَقَدمت مقالي، ولكن عسى أن تجدوا لي بين طيات عفوكم صفحاً وفي شمائلكم حلماً وصبراً. فأنا ثائر مُغاضب لا غير.
من أسوء ما تراه في بني جنسنا ما أسميته ( ذو الدّجلتين )، دجَّالون عياناً، دجَّالون إضماراً، يتسلقون الأسوار ويقفزون الدور، بِخُبثِ سريرة وسفالة هيئة، يُحاك في صدورهم الإثم والعدوان بعد أن رضعوا ألبان الثعالب وربوا جحور الأفاعي، طلقوا الإنسانية طلاقاً بائناً والتحفوا الشعر والصوف كقطة تلتصق بك ثم تخدشك وتصيبك بالمرض. جمعوا بين خصلتين أحلاهما العلقم، فإلى نفسه الضعيفة وهوانه بين الرجال المُبصرة و ( زلابة ) قدره ومكانته جمع إليها خصال الضبع آكل الجيف المتطفل على البقايا والقَمّام للقمامة.
مثل هؤلاء من يولون المناصف فيستغلونها لإشباع شهيتهم المريضة وملأ قلوبهم الخاوية إلا من النتانة والزناخة والعفن.
الإعلامي شريفٌ في مكانته صادقٌ بكلمته يحسبُ للفضيلة حسابها ويؤدي الأمانة حقها. فإن زاغ أو مال فيجب الضرب عليه من حديد والتنكيل عليه والتضييق، ليستقيم أمرُ هذا المنبرِ وتتساقط الهوام عن سناء ضوئه وجلاء بدره.
الإعلامي إن استغل إعلاميته بما يُخالف شرف المهنة ويُعاكس إخلاص قلمه فما هو إلا من بني ( الزلايب المستضبعة) . ومثله مثلُ الطبيب المُستغل والمسؤول المُستثمر والموظف المُنتهز، ولكن اخترت الإعلامي هنا لما وصل إلى سمعي بالأمس من قيام واهنٍ حمل قلمه بغياً وهزيلٍ أخذ الصحافة جبراً بتهديدٍ لنساء ضعيفات وإرهابٍ لبنات شريفات بكشف ما لا يُكشف ونشر الأرقام وتخويفهن بصحيفته ومكانته ليجلسن إليه ويتحدثن ويتسامرن وإشباع لحيوانيته، فكشفه الله لسوء خبيئته، و ضآلة قدره، وما هذا إلا بضاعة الكاسد وصغارة النفس ورذالة الطبع.
الأنثى قارورة تُعزُ من عزها وتُذلُ من ذلها، ولا يستأسد عليها إلا جبان ولا يستغلها إلا عاجز ولا يهينها إلا دنيء. فعار عليك ما صنعت أيها المُصْتَصحف ومسبةٌ لك لن يمحيها تزلف المتزلفين، ومَثلبٌ سيرافقك أينما حللت.

الشرفاء لن يسكتوا والحكماء لن يغضو البصر فالجميع سيصرخ بالصدق ويُطالب بالحق، فالعربي قد يسكت على الضيم ويتحمل الأذى إلا إذا شارفت على حدود شرفه وكرامته. وما لحق بنا من بلاء إلا ممن حمل القلم وهو منه براء واعتلى منبر الصحافة وهو أحقر من أن يصعده.