كاتب مثقف أديب (عصري)





من مبلغُ كُتابَ الصحف أنهم يهذون بما لا يفقهون وأنهم في كل واد يهيمون وفي كل دَرْكٍ يتخبطون. تصفحت صحفَهم وقلبتُ جرائدَهم وتعمقتَ في أعمدتِهم فلم أجد إلا عُجمةً في اللسان وعاميةً في الإسلوب ونفسي اشتاقت لحرفٍ عربي ولو كان أعزب.
تمنيتُ أن أمتلك ذلك القلم العريض الذي يستخدم في الصفحة الأولى لكتابة العناوين الرئيسية لأكتب ( توقفوا، من فضلكم ) فقد أفسدتم ذائقتنا وأدخلتم علينا ما ليس منا وأعميتم عربيتنا بأعجميتكم.
يسِمُ زاويته بوسمٍ رنان ثم يفرِشها بالغث الرديء الدنيء السافل النتن الغريب، فكلماتها غريبة وأسلوبها عقيمٌ ملتويٌ على الفهم، يستطيع ابن العاشرةِ أن يقولَ أجود مما قال فارشُها. فهو لم يقم بأكثر من صفِ كلماتٍ نكرةٍ بجانبِ بعضها البعض، فكيفما بزغت أمامه وضعها .. ومثلما نطقها طبعها.. ذوقه فاسد، وخياله شحيح. يسرح بنا في أرض قحلٍ مُقْشَعِرة.
أيا كاتب: البيان ليس رغيف خبز تشتريه. بل نَطْقٌ ليس كما النَطْق فهو منطوق بالقلب قبل اللسان مكتوبٌ بحركةٍ تبزغ من داخل النفس بلا تكلف ولا تعمُّل مثلما يصدر الصدى عن الصوت والشعاع عن الشمس. فالاضطلاع بأساليب العرب شيء جميل ومحبب للنفس، والزيادة في المحفوظ من اللغة هو زيادة في طول اليد لتناول ما تريده النفس من معاني.
ومن المحزن المبكي أن دأبكم واحد، ومسلككم بات معلوم، وحرفكم أضحى مكرر. لأن من ولج من هذا الباب وغاص أعماق الصحافة، وامتلك عمودا فيها فهو يعلن بهذا تنازله عن هواه وفكره. فهو مع تيار الصحيفة شاء أم أبى، متماشيا مع فكر أصحابها وسياسة مُلاكها. فإن أرادوه معارضا نصَّبوه، وإن أرادوه مادحا أخبروه.
حسنا لا ضير:
 تيارٌ أو حزبٌ ويريد أن تشم حنجرته الهواء وترى النور كلماتُه وصوتُه وهذا من حقه، إذن فاختر الطريق الأجود وترفع عن الوحل والطين. فبهذا قد تبلغ ما هو أبعدُ من الهدفِ المرجو.
أقرِئْني عملا من أعمال الذوق المنثور الذي ما إن يلامس أذني حتى أشعرَ بك بجانبي تُحدثني وتُفضي إلي ما في نفسِك. لا تقل ماذا أكتب اليوم؟ فتهرب منك الأفكار ويحل محلها السباب والشتام وكيف أُرضي هذا وأُسخط هذا.
انزعْ عن المجتمعِ طبقة الغبار الذي تراكم مع السنين والأيام. وأره خيالاً يُهَيجُ وُجْدَه ويُطربُ سمعه على فطرته وسجيته. فتجد في نفوسهم أثرا مما كتبت. ولست أتحدث هنا وأنا معتليا منبر السؤدد أو رقيب الله على خلقِه، فكلنا خطاء وأنا أكثرهم مع كثرةِ حرصي. ولكن زلتي لن تُقَوَم وأنا أرى شخصا لُقب بالمثقفِ المفكر الأديب الكاتب الصحفي اللغوي مالك الحرف وأمير البيان وهو يكتب ( كان خالداً مريضٌ، فأكل محمداً سفرجلٌ).

رسائلٌ لا تحتاج لساعي بريد.







قلت:
في الحرب رجالٌ يقاتلون رجالاً من أجل رجال, وأنا من أجلك حملتُ في يدي عشرين سيفا مقسمةً في كل إصبعٍ اثنين. أُجندل فيها الخصوم حتى لا يُرى إلا رؤوساً تتطاير وأشلاءً تتمزق. فالحرب لا معنى لها إن لم تكن من أجل النساء، ومن أجل الحب وأنت هي سيدة النساء وملكة الحب.
*************
قالت:
المرأة مرأة حتى تجد عاشقها وتهوى هواه وتُغرم بغرامه، فتطير بين الأكوان ناثرةً عَبَقَ الحب والحنان. محملةً بورد الهدى والسلام. وترسمُ لوحة الخلود بريشة العاشق الفنان . فأضحى للزمان وجودا، وللمكان وجودا، وللحياة أيضاً وجودا.
****************
قلت:
عندما يزورُني طيفُك الفتان متسللاً من بين النوافذِ والأبواب مع أضواءِ الصبح المشرق الزاهي فإن النفس تسكن، ولوعة الأسى والحرمان تخمد، والحزن يهدأ ويفترْ، وتفِرُ الهمومُ وتهربُ الآلام على موجةٍ من أمواج الزمان لتحط رحالها على سواحل النسيان  فالصبح الذهبي لا يرتدي لباساً من النحاس الرديء.
*********
قالت:
العشق رغبة فطرية ونزعة بشرية ولكنه في جوارك وحماك سموٌ للروح يغادر بها للأعالي ويصعد في درجات السماء.
العشق منك لذة ملائكية وحياة أبدية.
وما العشق لغيرك إلا قتلٌ للروح ووأدٌ للفرحة وإهلاكٌ للحياة .
***********
قلت:
ألحان جمالك الفتان ، تُطرب وتُرقص . هادئة ناعمة . تُنعش الفؤاد وللجرح كما الضماد وتجعل الأيام أعياد.
أنتِ الحنان والحُنو والعطف والرقة والروح والراحة والفرح .
يا حرَّ قلبي منكِ إن هجرتِني فأنتِ عندها بلا رحمة وإن تركتِني فأنت بلا رأفة.
**********
قالت:
قصة حبنا قصة حبٍ لا يقرأها الحبُ حتى يشتاق للحبِ.
الحرف مني يحضن الحرف منك واللفظ منك يعانق اللفظ مني، ولا يراها إلا قلب عاشق وقلب عاشقة استعبدهما الهوى وكلِفَ كِلاهما بالآخر أعظم الكَلَفْ.
فكلمة الحب لن تجد لها مخبأً إلا خلف شفاهك وبين ثناياك فمبسمك يمتنع إلا أن ينطق بكلمة تليق بذلك المبسم.
************
قلت:
أرى الحياة من دونكِ دون ما تعنيه، فليس بها من الجمالِ إلا ما تجودين بهِ عليها.
وأكثرُ من هذا،، فأنتِ فلم تزينيها فقط.
ولم تجمليها فقط.
ولم تغمريها وتزيديها بهاءً وحسناً فقط.
بل أنشأتِها إنشاءً.
تُلبسين المغتربَ لباساً ينسيه حنين وطنه.
وتسقين الطفل حلوا يُذهلُه عن حليبِ أمه.
فسحرك يكمنُ في ثغرٍ خالٍ من العيوب وفي جمال الابتسامة وفي رائحة القرفة والزعفران المنبعثة.
ضاحكة لعوب .دلال ودلع وغُناجٌ لا يتجنبه أريبٌ ولا يكابر عليه حادُ فؤادٍ.
*********
قالت:
حبيبي..مهجة قلبي وفؤادي.
 أنت خلودي الذي لا يفنى ولا ينتهي.
أعاهدك بكل الألم الذي نهيتَه عن وصالي.
أعاهدك بكل الشقاء الذي منعتَه عن قربي.
لكل بؤسٍ وضيقٍ وشدةٍ أبعدتها عني .
سآخذك معي وحدي لما وراء الطبيعة وإلى ما وراء الحياة.
لأعيش معك روحانية الحب وقدسية الأرواح.
فقربُك مِنحة وبُعدك ضرر.
وقلبِي أَحبك وما كذب .
***********


رفقا بالرجال*




شبابنا، رجالنا.

هل فيكم فِلقة شهامة؟

أو شطر فحولة؟

وكأني بكم أحببتم الدعة والطفولة.

أين النواصي المعقودة والآمال المأمولة؟

أين دماء الرجولة؟

هل خالطها ماء آسن؟

فحُلِل  للأرض ابتلاعها.

لماذا الخنوع والذل والهوان؟

تركتم الذروة واخترتم القاع.

في ظل مجتمعٍ نسائي ظالم مستبد مُظلم قاتم.

سَلْب حقوقاً وأهان كرامة.

قهرٌ انثوي يمارس ضدكم.

قمعٌ ظاهره الدلال وباطنه حقدٌ دفين .

إذلالٌ منهن يوازيه رضى منكم.

هو الخوف الجاثم على قلوبهن خشية نجاحكم.

الأنثى اعتادت النجاح.

وألفة السيادة.

وتمسكت بالسلطة

واستحوذت على المال والجاه منذ الأزل.

وعندما حميت دماؤكم ودبت فيكم حياة الأنفة من جديد

وكنتم أضواء تدفع الظلام للمطالبة بحق مسلوبٍ وكرامةٍ ضائعة.

مارست هذه الأنثى عبر الأزمان والقرون سُلطة قمعها لتربضوا في مرابضكم.

هونا وذلا وخضوعا.

جَيرتْ كل قوانين الطبيعة ضدكم أيها الضعفاء

تتحكمُ بمجرى السيل فيسقط كشلال هادرٍ على رؤوسكم.

تعاضدن وسيرن الدنيا كما يشأن لمصالحهن وشهواتهن.

أما أنتم.

فأُختزلتم في شهوة.

وحُوصرتم في نشوة.

وأٌكممتم برشوة .

عملكم، الحفاظ على بقاء جنسهن.

تُهينكم صباحاً. لتركب فوقكم مساءً.

وأنتم حاملو رؤوسٍ بداخلها حفنة تراب.

تَسحر لبكم بطراوة نهديها، وتُسكر عقولكم برضاب ثغرها.

وتهد قوتكم بإمتصاص مُصاصَتِكم.

أجيبوا ( لا عافاكم الله )

 هل لكم أن تذهبوا للقضاء لأخذ حق- قد سُلب منكم بقوة القضاء نفسه- بل وكيف ستقابل القاضية لوحدك من غير محرم.

أخبرني يا رجل:

هل تستطيع أن تأخذ حقك في التعليم وسط مناهج لاهم لها إلا الحيض والحمل ومواعيد الدورة الشهرية، وماذا عليهن أن يفعلن في تلك الأوضاع وتلك المواقيت! وقد تناسوا عن عمد تعليمك وما يجب عليك القيام به، فيعتذرن بأن الفطرة كفيلة بالتعليم والتدريب، مع أنك أنت صاحب الفضل عليهن ولكنه جبروت المرأة وطغيانها المستبد .

هم نسوة حرموك أبسط حقوقك يا مسكين .

حتى الحب . ليس لك أن تحب إلا  بإذن .ولا تكره إلا بإذن.

أما هن فالدنيا ملكهن، فيحببن ما يشأن، ويتزوجن ما يشأن، ويحتضن ما يشأن

وأنت الحب في شرعك محرم محظور.

هل تناسيت ماذا فُعل بك عندما ذهبت للمستشفى فلم تجد إلا طبيبة تنتظرك. وعندما طلبت طبيبا ذكرا طُردت من غير علاج . فهن يردن أن ترى منك المرأة ما لا يحق لها أن تَرى .

كم من صرخة سمعناها ولم نسمع صداها.

بعد أن قُطع لسان ناطقها.

الصحف ملأى بأخبار الأحرار من الرجال الذين دفعوا حياتهم ثمنا للحرية .

هؤلاء هم الأحرار أما القابعون وراء خدورهم اللاهثون لخدمة الأنثى بإسم العادات والقوامة فهم عبيدٌ عبيدٌ.






* الدنيا دواره.

أهم امرأة في حياتك .




في حياة كل منا - رجل كان أم أنثى - امرأة أولى.
وسيدة ذات سيادة.
يأتمر بأوامرها
يرضيه ما يرضيها ويتذلل عند أكعبها

كلامها رضاب
وحنانها حنان
في صدرها الأمان
وفي حضنها اطمئنان

خفقات القلب تخفق لها و بها.
لها العمر لو كان ساعة.
ولها الوفاء دون غيرها.
في بعدها نذوب فناءً.
فالحب دائما شاذا مع غير قلبها.

حبك لها لا يعرف شعور الألم فعطاؤها دائما الأكثر.
امرأة فضلها على النساء كفضل القمر على سائر النجوم.

الأم لها فضل ومنة
ولها الحب ، ولها شغاف القلب .
حبها زيادة مطردة وحب غيرها نقص مستمر.

الأشواق إليها . والأفكار فيها.

جنة عرضها كعرض السماء والأرض تحت قدميها.
ولن تنال الرفعة والعزة إلا بتمرغك تحت تراب أقدامها.
تتمرغ أكثر ترتقي أكثر هذه معادلة السعادة الحقة.

لم أرى سعيدا في حياته إلا وله قصة برٍ بأمه.
ولم أرى شقيا تعيسا إلا وعليه فاجرةَ عقوق.

كان ابن الحنفية يغسل رأس أمه بالخطمي ويمشطها ويخضبها.
والحسن بن علي لا يأكل مع أمه،فقيل له في ذلك، فقال (أخاف أن تسبق يدي يدها).

وإنه ليجرح القلب ويدمي الفؤاد أن ترى شبابا لا يلقون بالاً لأمهاتهم ويرون أن برها ليس من لوازم الإيمان مع أن عقوقها من كبائر الذنوب.
تناسوا وتغافلوا فضلها ومكانتها وتعبها وحملها وتربيتها وسهرها وسهادها .

وكان السلف يرون أن غلبة الأم بالحجة عقوق
والمشي أمامها عقوق.
وإبكاؤها عقوق.
والتحدث في حظرتها عقوق.

هي مهجة القلب وثمرة الفؤاد.
حبك لها يطغى وعشقك لها لا ينقص ، هذا هو الواجب.

هي بدر ليلك ونور دربك وسراج بيتك ،فلن تجد دليلا مرشدا في طريق حياتك أرشد من فضل دعائها لك . 
اجعلها تاجا على رأسك تَسُد.
وبُرها تَظفَر.

عقلك وهواك لأمك.
حلمك لها وغضبك لغضبها.
إخلاصك وسخاؤك وشفقتك ومداراتك لأمك ثم لأمك تنجو في الدارين وتفرح بما أتاك الله من فضله.




شكرا أستاذ رشيد على منحي ثقتك الغالية وشكرا لصاحبة المبادرة الأخت ليلى صباحي .


مفتي ذو ذمة واسعة.







مبدأ النصيحة للحاكم متفق عليه عند أغلب فقهاء الإسلام واعتبروه بابا من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وجور الحاكم هو نوع من أنواع المنكر الذي يجب فيه المناصحة حتى تتم إزالته .

وعلى أهل الحل والعقد وعلماء الأمه توضيح المنكر للحاكم والذي قد لا يعلم بوجوده أو يعلم ولكن لا يراه منكرا وذلك باللين واللطف والرفق وهذ منهج ربانا عليه قائد الأمه وخير البريه محمد صلى الله عليه وسلم .

وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قواعد فقهية عامه منها درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وتحمل ضرر أخف لدرء ضرر أكبر وغيرها من القواعد الأخرى التي لا تخفى عن العلماء والفقهاء .

وفي ذات الوقت فمداهنة الحكام وإقرارهم على كل ما يفعلوه لهو الظلم والمفسدة . فأصبحت درء المفسدة تجلب مفسدة . وخاصة في أمور يراها العامة من الشعب تصيبه، فلا يؤولها بغير الظلم والجبروت والقهر.

قلت هذا بعد أن قرأت اليوم تصريحا لمفتي الديار السعودية والقابع في أعلى هرم المؤسسة الدينية في البلد والذي يقول فيه ( الدولة لا تظلم ولا تقبض على أحد عبثا )

وهي جملة عائمة لها من المعاني الكثير لذوي النظرة الثاقبة ولها أيضا ثقلها بثقل منصب قائلها . ولها توقيتها الرائع المبني على كثير من الأحداث الحالية والمستقبلية .

فكلمة ( الدولة ) بحد ذاتها كلمة لها الكثير من المفاهيم فهي تطلق على كامل الأنظمة والمؤسسات الحكومية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الدينية فهذا كله ( دوله) .

لا أعلم ما كان يقصده سماحته من اطلاق كلمة ( الدولة ) ومهما كان المقصد فهناك ألوف العاملين في هذه المؤسسات . ولا أرى هنا إلا اتساع في الذمه ونقص في الأمانة وتخريف في إطلاق هكذا كلمه.

دولة لا تظلم أي بمعنى أنها دولة تضع كل شيء بمكانه . فالظلم هو وضع الشيء في غير موضعه وتعدي عن الحق إلى الباطل، و ظلم فلان حقه : أي غصبه أو أنقصه إياه. وهو انتهاك لحق الآخر عدوانا.

فلو سؤل أي شخص غير عالم عن الظلم وهل ينطبق في زماننا هذا وبلدنا هذا لما تحدث كما تحدث رجل درس على يد ابن باز ومن أحفاد محمد بن عبد الوهاب .

وأنا أرى أن حديث سماحته لهو ظلم وجور على نفسه . فقد ظلم نفسه أشد الظلم وأقعد نفسه في غير مقعده، مهما كانت التقية التي يمارسها في الباطن نتيجه قهر أو خوف يواجهه من إنسان أخر .

لو أن سماحته نظر من خارج نافذة قصره لرأى أن كل شيء في غير مكانه . بدأ من أصغر المشاريع الفاسدة وما فيها من ظلم وجور و مرورا بالاعتقالات والسجون المليئة بالمظلومين وتكميه الأفواه الصادقة والتصفيق لكل ناعق كاذب متحرر من ذمته و أمانته وصولا إلى هرم السلطة وتوريث المناطق والوزارات بين شخصيات محددة وصنع مؤسسات ماليه عملاقة لأصحاب النفوذ للسيطرة على المال العام . وربما أدرك أنه حتى هو ليس في مكانه .

أليس هذا من الظلم يا سماحة المفتي .

في جنوب المملكة هناك قرى ما زالت متأخرة عن الحضارة مائة عام . لا يملكون اصغر مقومات الحياة . لا منزل ولا مؤى ، يتوسدون الأرض ويلتحفون السماء .

أليس بظلم هذا .

ولماذا نبتعد . ألم تزر حي السليمانية الذي يجاور قصرك . لا بد أنك سمعت عنه وعنهم وعن الظلم القابع على رؤوسهم . وكيف مُنعوا من الماء والكهرباء طوال عقود من الزمن .

اغتصاب الاراضي في مكة وغيرها من المدن . أليس بظلم هذا .

التوظيف الوهمي لشخصيات وهمية. أليس بظلم .

اعتقال المشايخ والعلماء ( تلاميذك ). أليس بظلم .

نشر الفساد والرذيلة بشتى الأنواع والسبل . أليس بظلم.

السكوت عن الحق . أليس بظلم .

تدمير قوى الشباب والفتوة. أليس بظلم .

الاحتكار والغلاء والربا والرشوة والفساد الاداري والمالي . أليس بظلم .

كلامك . أليس بظلم .

تخل عن درسك اليومي في مسجدك وانطلق في أنحاء مملكتك لترى العدل والإنصاف الذي ألبسْته ( الدولة) لترى العجب العجاب. فكم من شخص مات من البرد والصقيع وكم من شخص اضطر للسرقة لإطعام أطفاله . وكم من شاب انتحر ضنكا ونكدا وحنقا من ضيق ذات اليد .

ولكنك صادق في أنها لا تلقي القبض على أحد عبثا . فالذئب لا يهرول عبثا.

 

ياسماحتك ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) آيه 18 من سورة (ق).. وفقك الله .

 

طفل كبير.





خرج من بطن أمه مجبولاً على ( الأخذ ) . فلا يعلم إلا ( الأخذ) . يأخذ بالثدي فهو ملكه . ويأخذ بالحضن فهو له .

يأخذ لعبة رفيقه . ويستحوذ على اللاشيء فكأنه ملَك العالم. يأخذ أقلام أبيه ليرسم نفسه . ويأخذ حلوى أخيه ليشبع لذته . ويرى أن أهم شيء في الوجود شخصُه.

يكبر قليلا فيشعر بأسرته ويرى رفاقه ويجلس بجوار صديقه في صف التعلم . يكبر فتبدأ ( أنا) بالضمور وتبدأ ( نحن ) بالنمو.
يرسخ في ذهنه أنه ليس وحيداً في الكون الكبير . وأنَّ هناك منافع ومصالح مع الآخر ، وهناك مسؤولية ملقاة على عاتقه ، وهناك أمة تنتظره , ولكنه لا يرى أبعد من أنفه فقًصُر به النظر وضاق به التفكير نحو أكل طيب ، وشرب طيب ، وملبس طيب . فجعل عمله وسعيه ولهثه ليغنم هذه الطيبات فقط .ولم يعلم أن هناك أطيب. فوضع أمام عينيه لوحة مكتوب عليها أن من جُبل على ( أنا ) يجب أن يحارب ( نحن) .

غلبه شيطانه وكبره وصغر نفسه فكابر وصارع وجالد الحياة لأن لا تصغر ( أنا ) وتكبر ( نحن ) . وجعل حدود العالم حدود نفسه، فلا يعنيه من حوله أشقوا أم سعدوا ، أجاعوا أم شبعوا ، أبكوا أم ضحكوا . لا يحمل في قلبه إلا نفسه . ولا يحمل في نفسه إلا حتفه .

نزع كل وردِ ( نحن ) الجميل الملون من بستانه . وأبدلها بشوك ( أنا ) البائس القاتم الباعث لمن يراها بضيق النفس و الخوف.

رسم لنفسه خطاً على الأرض يمشي عليه، جاعلاً في أوله ( أنا ) وفي آخره ( أنا ) .

استعاض خِرافه الأليفة بقطيع ذئاب لتهجم على حظيرةِ جاره . وتناسى أنها ستعودُ مقطعة أوصال جسده. فلكل فعلٍ فعل معاكس له .

حياته أخذٌ خاصم عطاء ، إمساكٌ باغضَ سخاء ، طمعٌ مع تقتير ، جشعٌ عاشر بُخل.

همه جمع ماله ، وإرضاء ملذاته ، وملأ بطنه ، وإشباع شهواته، وري شوكه .

عِشقه للذاته غلب حبه للحق والصواب، وهام بـ ( أنا) وتناسى ( نحن ) .

نضج الجسمُ واكتمل والنفس لا تزال نفس طفل .

لم يُسمع نفسه مصطلح ( أسرتي ) ( مجتمعي ) ( أمتي ) ( عالمي ) .

اختزلها في شهوة ، وسجن نفسه في شهوة ، وقتل نفسه بشهوة.

أصدقاء ينيرون الطريق.




 

 
على الدوم كانت تتملكني فكرة تقنعني بأن هناك عالم واقعي نعيشه بلا اختيار وهناك في الطرف المقابل عالم افتراضي نلج فيه باختيارنا ونختار مع من نكون وبكامل حريتنا وتصرفنا.
 
عالم افتراضي متكامل نعيشه بكامل طاقاتنا ونشعر به بكامل حواسنا .
بعيد عن الماديات التي يفرضها علينا عالمنا الواقعي.
وبعيد عن متطلباتنا الحياتية والتي قد تفرض علينا الكثير من القيود.
ولكن مالم أكن أتوقعه هو إمكانية التداخل والامتزاج بين ما هو افتراضي وبين ما هو واقعي أو تحول الافتراضي إلى واقعي .
 وحتى لو افترضت امكانية التداخل بينهما فلم أكن أتوقع  النتيجة المحسوسة والتي كانت بهذا الجمال وهذه الروعة.
 
كنت أراه رشيدا في اسمه وفعله.
كنت أراه من خلف حروفه.
كنت أراه في همسات روحه وخاطره
 
أبهرني.
شدني.
سلب مني عقلي.
فاغرٌ فمي تارة.
ممسكٌ بشعر رأسي تارة أخرى.
أردد ( لله درك من رشيد)
أحببته كثيرا. وتعلمت منه أكثر.
 
تقربت منه فرحب بي.
سألته فأجاب.
استشرته فأرشدني
طلبته فأعطاني.
أردت المزيد فلم يرفض لي طلبا.
أردته حقيقة بدل واقعا
فمنحني ما أردت.
 
السلام عليكم
وعليكم السلام
انا بداخل المحطة
وأنا بخارجها
أين فوق أم تحت
 ايه ايه - رفعت يدي - لقد رأيتك
 
نسيت المطر
وأن القنيطرة تتقطر سماؤها
وأسرعت نازلا السلم
وأخيرا أصبح الطالب يتلمس أستاذه.
وبعد أن كان يسمع صوت بنانه أصبح يسمع صوت لسانه
 
وخجلاً توقفَت السماء
فهو اكثر منها في العطاء
 
كان معه رجل شديد الاحترام كثير الأدب
يده اليمنى فوق اليسرى على وسطه
صافحته
 
عرفني عليه قائلا : خالد أبجيك صاحب مدونة الفكر الحر
 
يبتسم الحظ
تضحك الدنيا
ما أروع اللحظة
ما أجمل الصدفة
 
عندما تريد أن تقرأ موسوعة فإذ بك تستطيع أن تقرأ اثنتين معا وفي نفس الوقت
وتريد أن تنزف من بئر واحدة فإذ بك تنزف من اثنتين
 
كان في رأسي الكثير
أردت أن أنهل منهما حتى أرتوي
 
الأدب الجم والاحترام الوافر والثقافة الغزيرة والكرم السخي والسعة في المعلومات والثقة بالنفس والرضاب المعسول كل هذا وجدته في رشيد وخالد.
 
فكأنما جُمعت خصال الخير فيهما
وما حولي من البشر إلا هما
والوقت كان يهرول في حلبة الجري
ويريد تحطيم الرقم القياسي
 
حاورتهما سألتهما ناقشتهما استعلمتهما استخبرتهما أخذت رأييهما في كثير من الأمور.
انتهى الوقت
رحلت.
ولن ترحل هذه اللحظات فالقادم أجمل.
 
شكرا استاذي رشيد
شكرا أخي خالد
شكرا لكما ملئ السماء وملئ الأرض على ما تفضلتما به علي.
 
فبحار العالم لن تكفيني حبرا
وأشجاره لن تكفيني أقلاما
لأعبر عما يختلج فؤادي
 
ولكنه الله الواحد العالم بما أُكنه لكما.
فأنتما أنرتما لي الطريق .
 
 
ليس للوداع وجود في قاموسي.
وللقاء بكما وقت قريب بإذن الله.