تعريف غريب

القلب
 

لو سُئلت وقيل لي : ما  القلب؟

فلن أتوقع أن أجيب بأنه عضو داخل القفص الصدري يضخ الدم في أجزاء الجسم.

فهو أكبر من أن يعرَّف بهذا التعريف التقليدي.

ولكنه بيت كبير لكثير من المشاعر والأحاسيس.

التي تختلج الشخص من وقت لآخر.

وفي هذه اللحظة بالذات.

فيظهر لي أنه عضو مكون من طابقين.

في الطابق الأعلى يوجد مصنع للدموع.

متصل بأنابيب خاصة .

تتصل بالطابق الأرضي الذي يعمل كمستودع لما يصنع في الأعلى.

وكأنه بئر لا ينضب.

وعند اللحظة الحرجة.

يفرز ما بداخله إلى خارج الجسم.

لا تستغرب. فربما كان كلامي صحيحاً.

ويثبت لنا العلم في القرن القادم صحة ما أقول.

فهو عضو غريب معقد التركيب.

فحتى الأعصاب المتصلة به تعمل في اتجاه واحد.

فعندما تأتيها النبضات العصبية لإخراج الدمع.

فهي لا تستطيع عكس الإشارة وإخبار المخ بأنه يجب إيقاف هذا النزيف.

بل يظل ينزف وينزف...

حتى يصل إلى موقف صعب. 

وحسرة ستبقى جروحها إلى الأبد.

وحروق لا تتذكر سوى أجمل اللحظات وأسعد الذكريات

مع مهجة الروح.

وذلك بعد أن قال الزمن كلمته الأخيرة

وأصدر أحكاماً ظالمات

ويبقى في شعور اللاشعور.

مجرد آلام وأنين.

بطينان وأذينان

تنتعش بالماضي. وتتألم بالحاضر.

ولا تسمع فيه إلا صدى كلمة واحدة.

( أين أنت )

ولكن الله عندما يقول كن.

فلا فرصة لنا إلا بالرضاء والاستسلام.



556204062_small

نجمتنا المسماة ..نــوى..





هل تعرفين ما هو أكبر ما يجمعنا


تذكري معي.


عندما ركبتي وأنا 

ذاك الجواد الأبيض


وانطلقنا نحو الأعالي... و فوق السحاب


وكانت خصلات شعرك تدغدغ وجهي


وتهديني رائحة ملكية .. لا أجدها إلا فيك.


ويداي تلتف حول خصرك .. كأنها إسورة محكمة الصنع.


أذكر أنك كنتِ مغمضة العيون


خائفة.


مترقبة.


أخذتُ يداً واحدة .. وفتحت بها عيناك..


مع قبلةً فوق الأنف وتحت الجبين.


فطرب الجواد


وتحرك بسرعة أكبر.


ثم أعدت يدي كما كانت.


وما تحت الأذن يتراءى أمامي.


ويقول.......... وأنا.


كنا نرى كوكب الأرض خلفنا


يصغر


ويصغر


ويصغر

ثم اختفي


وتلاشت الجاذبية


واختفت القوانين


وبقينا


وذهب الجواد


كنتِ مسترخيةً. هادئةً .


واقتربت النجوم.


اخترنا واحدة وجلسنا عليها.


لقد كنت محظوظاً.



فكل ما حولي.. نجوماً تتلألأ.....حتى أنتِ..


أحسسنا بسمو النفس..


وسمعنا عذب الكلام.


ورأينا ما يبهج النظر.


ولمسنا أطهر خد.


وتجمعت النجوم.


لتشهد لقاءً بشرياً خارج حدود البشر.


لقد لمحتُ عيناكِ المتسعة. والمحاطةِ بالكحل الرباني. ذات الرموش التي كأنها نبتت من الجفون.


لمحتها.. وفهمتُ ما تقول.


فأغمضتها وقلت .. لا تخافِ.


ذهبتِ تجرين ... وذهبتُ وراءك.


اختبأتِ وراء تلةٍ نجمية صغيرة. ولكنني وجدتك.


طلبتِ كأس ماءٍ.. فأحضرته لك .. ولم أنسى القهوة.


ارتشفتيها ببطء..


فبقي منها ما بقي على شفتك العلوية..


فأخذت أرتشفها أنا...


أخذتُ رأسكِ على صدري.


لأسرحَ شعرك بأصابع يدي اليمني..


فكم كنت تحبينها...


ثم مرة اللحظات مسرعة.


وإذ بالجواد قد عاد..


أحببتي أن تشكري النجمةَ ...على استقبالها لنا...


فشكرتيها وسألتيها عن اسمها...


فقالت : أدعى (( نــوى))..


قلنا وداعا.. نوى


قالت: سيبقى على سطحي..

من رائحتكما..

ومن أثركما..

ومن خلاياكما..

ومن دمائكما...

ومن شعركما..

ومن بشرتكما..


بل لقد صرت من الداخل أجمع بينكما في كل شيء.


وأخذَنا الجواد ..عائداً.... مسرعاً


إلى كوكب الأرض.


وذهب كلاً منا في طريقه...


والآن .. كلما أنظرُ إلى السماء..


وأرى (( نــوى))


أعرف ما هو  أكبر شيء جمعنا.



يا ليتك .. كنت .. أبعد....





يا ليتك كنتِ أبعد مما كنت عليه.

فما قربك أدفاني ولا بعدك أراح جنوبي.

فلم أجد لعشقك تفسيراً في قاموس العاشقين.

فيكِ شروق الشمس وغروبها.

فيكِ لهيب النار و نورها.

فيكِ سموم الرياح ونسيمها.

فيكِ  إزعاجُ المدينة وهدوءها.

كل المتناقضات

لهذا أحبك وأكرهك. وأكرهك وأحبك.

لذة قربك تعادل حرقة بعدك.

تخيلتك حديقة غناء .. وقد كنت كذلك.

تخيلتك كالصحراء .. وقد كنت كذلك.

رأيت فيك البر والبحر.

فوهبتيني التمر .. والسمك.

فكانت تمرةً حلوة وتمرةً حامضة.

وسمكة قرشٍ وأخرى للتونة..

كنت كالقمر.

ومثله تماماً.

تظهرين باستحياء

ثم تعطين بلا حدود

ثم يقل سطوعك

وفي الأخير لا نراك.... وتغيبين....

أنتي جميلة في كل حالاتك

ولكن البحث عنك هو المتعب.

أصبتيني برصاصةٍ وأنتي في حضني.

ثم أصبتيني بالثانية . وأنا في حضني.

ووحدي.

يا لقوانينك الغريبة. وطلاسم كتاباتك.

فلم استطع أن أرسو على شواطئك . بالرغم من قوة مجدافي.

فمنظر جزيرتك من بعيد يغري كل بحار.

ولكن أمواجها عالية وزادنا قليل.




سـأقولها مدوية..




خذيها فسأعلنها مدوية

ليس لمكسبٍ أبتغيه

أو مركزٍ أنتظره ..

بل لك أنت.

سأعلنها مدوية. وعلى رؤوس الملأ.

رضي من رضي. وسخط من سخط.

خذيها .. واقرئيها ...... وللأنجاس احذفيها...

دعيهم في غيظهم.. يحرقهم و ياليته يلتهمهم..

وارفعي رأسك عالياً.. فأنت كلُ ما أنت...

فأنا لا أرى على الكون امرأةٌ غيرُك...

فالله لم يخلق غيرُك.....

ولن أعشق غيرك...

فقد أحببتك ولن أحب أحداً سواك...

......تأملي...
هل رأيت اللؤلؤ يعيش خارج البحار...

هل رأيت الخلية تتغذى على غير الأكسجين.

هذه من المسلمات التي لا يعجبها الاختيارات..

وكذلِك أنتي...
لن أختار بديلاً لكِ.

ولن أحتضن غيرُك....

ظهر الحق وخسئ الكاذبون

خذيها واحشريها في أفواههم مع قليلاً من التراب الرطب.

فأنت غاليةٌ عالية. ولن أقبل فيكِ الدنس..

وأنا سندك وعضيدك....

تأخذنا الدنيا إلى غير ما نتوقع وسنسير معها اشتهينا أم أبينا..

وليبقى ما بداخلي بداخلي...

سنفترق ..... ولكن يبقى القلب ينبض باسمك ما حييت....

وسيبقى خطي شاهداً على ما قلت...

وكل ما اختمر بعقلك وساوس الشيطان فافتحيها .. وارجميهم...