مجلس الوزراء السعودي هل هو في السعودية .





بالأمس عُقد مجلس الوزراء السعودي، وخرج لنا بنتائج غريبة وكئيبة كعادته ولكن هذه المرة كانت أشد غرابة وأشد دهشة. فقد خرج بقرارات من ضمنها :
1.     مناشدة المجتمع الدولي بتقديم مساعدات للمتضررين في ميانمار .
2.     مواساة الشعب الفلبيني من جراء الإعصار الذي تعرضت له جمهورية الفلبين وتقديم مساعدات مالية تُقدر بـ 10ملايين دولار .
والقارئ لهذه القرارات يستشف أن المملكة لا تحتاج إلى المساعدات الدولية أو المواساة الحانية، ولكن في الحقيقة ومن خلال النظرة عن كثب على الداخل السعودي الفاضح فسترى العكس تماما وخاصة مع الأحداث الجارية لهذا الاسبوع كتهدم المباني والمطارات وغرق المنازل والأسواق وإقفال الشوارع والطرقات وأيضا المعارك الإثيوبية في ساحات ( منفوحة )  والتي تجاهلها تماما مجلسنا الموقر والذي يمثل قمة الهرم في السعودية .
ليس بجديد النظرة الحنونة والتي يحنو بها هذا المجلس على الشعوب في أصقاع الأرض من تضميد للجراح أو إغاثة لمنكوب أو متضرر أو مريض ، فبالأمس القريب كان هناك حالة مرضية في المنطقة الشرقية تناشد حقها في العلاج في المستشفيات السعودية ولكن كالعادة لم تجد من يجيبها، وفجأة وفي نفس اليوم يصدر قرار ملكي باستقدام حالة مرضية إيرانية وعلاجها على حساب الملك عبد الله.
وهذا الأسبوع مدن السعودية تغرق من جراء السيول والأمطار السنوية المعتادة، وهؤلاء الوزراء غافلون نائمون عامدون ثم يجتمعون ويقررون مساعدة دولة الفلبين .
يا ترى هل تعلم هذه الزمرة بما يحصل في الأحياء القريبة منهم في مدينة التقدم والحضارة مدينة ( الرياض) ، فقبل ليلة من الاجتماع غرقت شوارعها وتحولت من مدينة صحراوية جافة إلى مدينة تقبع على شاطئ البحر.  
وهناك أيضا مدينة (جدة) التي لم تنسى موتاها وغرقاها، ولم تنسى كذلك القرار الملكي بمحاسبة المقصر والفاسد مهما كان منصبه واسمه، ولكنها قرارات ملكية ورقية لا أكثر ولا أقل فنحن لم نسمع أية محاكمة لمسئول.
لا يخفى على الجميع ما يحصل في المدن الكبيرة فهناك الإعلام والصحافة ولكن أغلب المدن السعودية الصغيرة المظلمة تصيبها الويلات واللعنات ومجلس وزرائنا نائم فوق سريره متغطيا ببطانية فساده. وكأنهم ينتظرون أن يضربنا إعصار الفلبين ليفيقوا. لا نطالب بالمستحيل ولكن نريد أهون الشرور.
كذلك يا رئيس الوزراء سؤالي البريء هو كيف يتم اتخاذ توقيت قراراتكم؟. فمع هذه الفيضانات وهذا الشوارع التي أصبحت مسابح أولمبية ومع مناشدة الجميع في الصحافة والإعلام بالاهتمام والنظر في هذا الفساد المنتشر تخرج لنا هذه القرارات وكأنها عين الأم الحنونة على أطفالها الفلبينيين، متناسية أطفالها السعوديين وكأنهم أبناء البطة السوداء . هذا إن تجاوزنا ( ميانمار) وأن المناشدة كانت للشعب المسلم فيها .
أعط الفلبين المتقدمة عشرة ملايين لمصالحك السياسية الخارجية ولكن أيضا تستطيع منح شعبك عُشر هذا المبلغ لأنك مسئول وراعي لهم .
يا أخي حتى سوريا لم يتطرقوا لها ، ماذا حصل ؟
طرحتُ المشكلة وسأقترح الحل ولو من وجهة نظري فقط ، و الحل هو أن يتم تفعيل ( الواتس أب ) فورا في هواتف رئيس الوزراء ونائبه و نائبه الثاني و أيضا لـ خالد التويجري، فربما قد يلتفت لنا القدر .
 


تفسيرات .




أسير في الدروب
الطرقات مرصوفة
والشوارع منارة
في ساعة قبل المغيب .
وغافياً في حضن الحبيب.

أنا في غرناطة
أم في زهراء الأندلس.
أهمسُ لك:
أنقذيني من الممات
مدي لي كأس الحياة
ناوليني شفتيكِ
جودي على بالرضاب المعسول
أدخلي لسانكِ.
هاأنذا طفل رضيع

استنشق رائحتك
أتلمس بأصابعي كثافة شعرك
أمسح بأصابعي الأربعة من مقدمة رأسك إلى نهاية وجهك الوضاء .
يا لهذه الملامح التي أضحت آلهةً يتعبدُ عندها الجسد .

تتشقلب الساعات
وتمارس الأنثى طقوسها 
ففي قواعدك وبيانك الساحر 
يصبح الفاعل المرفوع
اسما مجرورا
يسبقه خلا وحاشا وعدا وفي على
ثم تزيديني كمداً بلعل و متى .

تهفو الجنان نحوك
ويقتلني قلبي
ترك ضخ الدماء
يرقبك فقط
ينتظر ذكراك ليضخ الحياة.

كتابي من صفحاتك
مخطوط فيها حروف حبك
منقوطة بدموع هجرك .
حتى تشابكت الكلمات

دعي الحياة والجئي لبيتيَ القديم
بسيطٌ دافئ مفروشاً حصير
أو لحضني الصغير

ماذا تريدين مُهجتي ؟
الدفء وقت الشتاء؟
ونسمات العليل في الصيف الحار ؟
أحضان حبٍ تلتقطك ليلاً
وقبلات الأمل تأخذك نهاراً
إن أردت الطيران
سأجود بأكثر مما أجود
لا مال عندي ولا نقود
بل قلبٌ صغير
يفرشُ لك الدنيا حرير.

هلال .






له من اسمه الكثير
معشوقٌ هو وساحرٌ جذاب
منح الملايين العطاء
فمنحوه الحب والوفاء

كالقصر المُنيف
فوق جبلٍ شاهق
لا يصله إلا حرُ الطير
اختار السمو فسمى
وفضَّل العلو فعلى

هو الهلال

نادي العظماء.. وبيت النبلاء

إن أصابك الهوس
وتملكك الجنون
وقبض عليك السحر

فلن تنفعك تلاوات الكهان
ويحتار في أمرك العاقل الذهّان

هوس المؤسسِ ابن سعيد
وجنون المجنون الثنيان
وسحر سامي الفنان
وتراتيل القناص ذو الأشجان

عمالقة فن
جبابرة عطاء

عندما تسمع للحن الهلالي
ويلامس همساً سمعَك
فهو السحر العجيب
وصوت الحبيب

إذا تمايل الأزرق
تمايلت النسمات لتهز أوتار العواطف

وإذا انتصر الأزرق
انتصرت الدموع على الجفون وصاحت بالحب " ويلكم كيف تلعبون"

منذ الأزل
ورنة الوتر الهلالي
تَدخل وجدانك كتموجات الأثير
لتطرد ظلمة النفوس وتُنير القلوب

عزفُ الهلالي
موسيقى ترافق الأرواح
لتشاطرها الأفراح
خنقٌ وقتلٌ للضراء
لتحيى معه كل سراء

عزف الهلالي
معه مجدٌ يقوم
وكأسٌ يُفرح العموم
يُزيحُ الغيوم...ويطردُ الهموم

هنيئاً للأمواج الهادرة والسماء العالية
فلونها نابعٌ من عظمتها.

فمن أجل صديق أوده وأُحبه
كتبت هذا القليل من كثيرٍ يستحقه



تحياتي للهلالي.


بصمةُ عشق .



مدينة بنيناها معاً
لبنة تعلوها لبنة
أحكمنا البناء
وشددنا الوثاق

جعلنا شرفاتها تُطل على بساتين الياسمين
سترناها بأجنحة ملائكية بيضاء
منحناها نبض قلبين
قلب يعشَق
وآخر يُعشق
مع تبادل الأدوار

لا للأنا من وجود
فناء الفاعلِين ألحقتها بأواخر أفعالي.
والمثنى أقوى من الجمع

أحبكِ وما كذبت
ابقي بقربي دائماً
شعارات الوفاء مع صدق العطاء
من أسباب البقاء ، ولو من بعد الفناء

معك زالت الوجودية
وطفت على السطح الأزلية
لا بداية ولا نهاية

عشقُ كالحلقة ملتوي
أتقنتِ صُنعها
و أحكمتِ لفها

هل رأيتِ جمال الدنيا في عيني؟
بل هو ما جدتِ به عليّ
لا تريدين أن تستفيقي؟
ولا أنا
ولكنه ليس بحُلم

فلن تجديِ على ظهر البسيطة أوسع من قلبي لكِ ولا أصدق
فمِنحةُ السماء نبعت من جوفي
وارتوت من ينبوع فؤادك

فأضحت غابةً غناء.


نظرات من كتاب ( المملكة ) .. الجزء الثالث .. الفضائحي .






توقفنا في الحلقة السابقة عند نهاية معارك البترول والنفط العربي ونُكمل هنا أعزائي من قبيل الحرب العالمية الثانية عندما كان (ابن سعود) بدهائه يغازل جميع الأطراف وبحذر شديد مع ابقاء حبال المودة وثيقة مع العرش البريطاني، وهذا في نظري يعود فضله لمن حوله من رجال ومفكرين وساسة، أمثال (جون فيلبي) و (يوسف ياسين) و ( مدحت شيخ الأرض) و (أمين الريحاني). فالسعودية قد أقامت عام (1939) علاقات دبلوماسية مع ألمانيا النازية وكانت رسالة (ابن سعود) قد وصلت لهتلر  الذي يؤكد فيها ( أن هدفنا الرئيسي هو أن نرى علاقات الصداقة الحميمة مع الإمبراطورية الألمانية تتطور إلى أبعد الحدود). وفي بعض الوثائق التي كُشف النقاب عنها بعد نهاية الحرب وتدمير ألمانيا كيف كان (ابن سعود) يلتقي بـالدكتور (فريتس غروبا)، رئيس العمليات الألمانية في الشرق الأوسط ليخبره أنه (يكره الإنجليز من صميم قلبه)، ومع تقدم الحرب قام (ابن سعود) ببعض اللفتات الحكيمة للجانب المنتصر وهكذا أبقى عبد العزيز وبمهارة خياراته مفتوحةً ما بين (1939 ـ 1945) كما كان يفعل في الأيام الخوالي عند مغازلته للأتراك والإنجليز في بدايات سعيه لضم الجزيرة العربية، فخشبة المسرح واحدة ولكن أبطال المسرح هم من يتغيرون. وهذا ما جعل (ونستون تشرتشل) والحرب العالمية الثانية توشك على الانتهاء يمتدح ولاء (ابن سعود) الصادق والراسخ لبريطانيا وحلفائها إبان سنوات الحرب ضد هتلر.

 مذكرة أمريكية في شهر ديسمبر عام (1942) تقول :((إننا نؤمنُ وبعمق بأنه يجب النظر في مسألة تنمية الموارد البترولية السعودية في ضوء الصالح الوطني الأمريكي العام)) وهذا جعل (روزفلت) يأمر وحسب نظام (الإعارة والتأجير) بمبلغ (33 مليون دولار) للمملكة السعودية، وبدا واضحا وجلياً أن الأمريكان يريدون تعويض ما فاتهم من وقت، و ( ابن سعود) لا يرفض المال أبداً.

وعلى هذا وبناء على طلب الأمريكيين باتخاذ كافة السرية أمر (ابن سعود) حاشيته بالاستعداد للسفر من جدة إلى مكة المكرمة في الساعة الثالثة بعد ظهر يوم 12 فبراير( 1945) وعندما أصبح الجميع في سياراتهم أمر السائقين بالتوجه إلى الميناء بدلا من مكة المكرمة. واستقل هناك قوارب كانت في انتظاره إلى المدمرة الأمريكية (ميرفي) والتي غادرت جدة في الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر، مخلفاً وراءه إشاعات مسعورة مفادها أن الملك قد تنازل عن العرش وأنه قد اختطف.
 وبمعية (100) من الخراف توجه (ابن سعود) لمقابلة الرئيس الأمريكي (رزوفلت) على ظهر المدمرة الأمريكية في البحيرات المرة وكان روزفلت يعتقد بأن بريطانيا قد أساءت معالجة مشكلة (اليهود و فلسطين) كما أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة جعل من مسألة الوطن القومي اليهودي في فلسطين قضية سياسية كبرى.  كما ذكر (روزفلت) ما تعرض له اليهود من الاعتداءات و الإهانات من الألمان وما تعرضوا له من قمع وتعذيب وقتل جماعي. فقال (ابن سعود) وبمنظور البدوي الحكيم  ((أعطهم أحسن أراضي وبيوت الألمان الذين قاموا باضطهادهم)) وبعد ثلاثة أيام من هذا الاجتماع وفي أحد فنادق القاهرة كان هناك (ابن سعود) و ( تشرتشل ) رئيس وزراء بريطانيا يتحدثان في نفس الموضوع ولكن (ابن سعود) لم يحب (تشرشل) لأنه كان يشرب الخمر ويدخن أمامه. كما أنه وفي نهاية لقائه أهداه (تشرشل) علبة عطر ثمنها (100) دولار وهذا من الأمور التي ندم عليها (تشرشل) كما ذكر في مذكراته.
ومن بعض المشاهدات الطريفة التي كان يقوم بها مرافقو (ابن سعود) على ظهر المدمرة الأمريكية أنهم رفضوا النوم في غرفِ النوم الفاخرة واكتفوا بالتمدد على ظهر السفينة وكيف أن أبناء (ابن سعود) ( محمد و منصور ) انسلوا خلسة من أبيهم لمشاهدة فيلم غرامي كان يعرض للترفية في غرفة البحارة .

وجاءت سنة ( 1948) وجاءت النكبة, وجاءت الإهانة، وجاءت المذلة، وأعلن عن قيام دولة إسرائيل مع طلب العراق آنذاك بقطع البترول نهائيا عن أمريكا فرد عليهم (ابن سعود) بقوله: ( أعطني ثلاثين مليون دولارا، وسأنظم إليك فورا ) وفيها دلالة واضحة على الخزي والخذلان والتفكك العربي وحب المنصب والمصلحة الشخصية.ومازالت القضية إلى يومنا هذا مطروحة للتداول.

في ليلة من الليالي الحمراء في مدينة جدة، وبعد احتساء الكثير من كؤوس الخمر ومع تمايل الراقصات الشقراوات و في منزل نائب القنصل البريطاني (سيريل أوسمان) خرج ( مشاري بن عبد العزيز) ثم عاد بعد مدة وجيزة ليقتل نائب القنصل إثر إهانة تعرض لها. وعلى إثر هذا الحادث تم تحريم استيراد الكحول نهائيا وكان هذا عام (1952).

قال تقرير أمريكي كئيب النبرة إنه يمكن وصف الحسابات والمراقبة المالية السعودية على أنها ((مشوشة)) وأن النظام الضريبي ((غير صالح)) وأن مسك الدفاتر كان ((متخلفاً جدا وغير فعال))، ومن أجل هذا وقع الإفلاس في الخزينة السعودية عام (1953) وذلك مع زيادة عائدات السعودية النفطية، ولكنها سوء الإدارة المالية بل لعدم وجود وزارة المالية أصلا، حيث أن الملك عبد العزيز كان يقول ( المال ليس للخزن بل للبذل فقط).

توفي الأب (ابن سعود) عام( 1952) وجاء الابن سعود الذي كان غارقا في ملذاته وشهواته وكيف استطاع بعثرة ما بقي من ميزانية الدولة حتى أن الخزينة عام ( 1958) لم يكن فيها إلا ( 317 ريال ) فقط, وهذا الرقم لن ينساه أحد من الاقتصاديين السعوديين وحتى أعضاء الأسرة الحاكمة. ولكن بفضل الله ثم بحكمة الداهية (فيصل) الذي استطاع وخلال تسعة أشهر فقط من إعادتها إلى ( 60 مليون ريال ).

لم يغفل المؤلف أيضا عن الرشاوي التي دُفعت عام (1958) لتخريب العلاقات المصرية السورية والوحدة العربية التي ينادي بها (عبدالناصر) والتي ظهر فيها الملك سعود كالأحمق أمام العالم .
عُزل سعود نهائياً وبناء على فتوى دينية عام (1964) وتوج فيصل ملكاً محاربا ومناضلا عمل بإخلاص للحفاظ على أمته وشعبه ومُلكه، في زمن كثرت فيه الأزمات والاختناقات، الداخلية منها والخارجية، فحرب اليمن مع (عبدالناصر) قائمة والديون مرهقة ولم يجد بجانبه معين من أخوته الذين يصغرونه، فسعود يكيل له المؤامرات من أجل استرداد ملكه وليست قصة الطائرات الـ (23) والتي اشتراها (سعود) وخبأها في البرتغال للقيام بانقلاب على أخيه فيصل بغائبة عن أحد. وأيضا أخاه محمد (أبو شرين) والذي رفض ولاية العهد وقال ((أنا لا أصلح أن أكون ملكا إذ أني لا أطيق التقيّد بما يقوله لي الوزراء والمستشارون والسكرتارية، فأنا رجل بسيط، إنهم سيضحكون علي)) ثم وافق خالد الذي يصغره أيضا والبالغ من العمر (53) سنة غير أن قبوله كان مشروطا بأن يُمنح ما يكفيه من الوقت بعيدا عن السياسة ينصرف فيه إلى خيوله وصقوره وباديته.

وقعت حرب أكتوبر (1973) وفيها استُخدم سلاح النفط، وفيها أيضا تجلى التضامن العربي السعودي المصري، ففيصل كان قد منح (أنور السادات) نصف مليار دولار لمشتريات الأسلحة ونصف مليار للمدفوعات بالإضافة إلى الإعانة السنوية ( 250 مليون دولار) ونتذكر دائما مقولة الملك فيصل للمصريين آنذاك ( إن ما نقدمه من مال ليس صدقة، فالمال اقل بكثير مما تقدمونه من دماء وشهداء ).
عندما نقرأ في المعارك السياسة التي حدثت في تلك المرحلة الحرجة من عمر الأمة الإسلامية يأخذنا العجب العجاب، وكيف كان التحدي العربي الأمريكي الإسرائيلي الروسي ، وكيف أن أمريكا كانت تمارس سياستها ضد العرب وضد الإسرائيليين كذلك، حيث أنها كانت تريد كبح جماح الغرور الإسرائيلي وخاصة بعد نشوة انتصار (1967) والتقليل من الإهانة التي كان يشعر بها العرب.
 وهذا من منطلق تساوي القوى في المنطقة، بالإضافة للشد والجذب وممارسة الخداع ونصب الكمائن وإعلان الملك فيصل الجهاد وإيقاف النفط وهذا الأمر الذي جعل كل العالم يعيد النظر ويعلم أن هناك سلاح رادع يوجد في قلب الصحراء، ومع أن أمريكا لم تتأثر كثيرا وخاصة في بداية الحظر حيث أن ما يشكله النفط المحظور كان (4%) من استهلاك أمريكا من الطاقة. ولا يقارن التأثر الأمريكي ببقية دول العالم مثل روسيا والصين واليابان وأيضا دول أوروبا والتي عانت الأمرين من جراء هذا  الحظر.

رُفع الحظر النفطي بعد أن عادت سيناء للمصريين وتعهدت أمريكا للسعودية ببيعها الدبابات والطائرات الحديثة والسفن الحربية مع تناسي أمر فلسطين تماما.

قُتل فيصل يوم الثلاثاء ( 25 مارس 1975)  على يد فيصل بن مساعد ( ابن أخيه ) والذي كان قد قبض عليه حاملا بعض المخدرات في (كلورادو) وأيضا قُبض عليه أكثر من مرة في شجارات في بعض البارات والحانات الأمريكية، فقام الملك فيصل بالأمر بإبقائه داخل السعودية لأنه شوه سمعة العائلة الحاكمة.

وصل المؤلف إلى نهاية الكتاب ذاكرا الكثير من الأمور المثيرة للجدل في ذلك الوقت مثل: ثروة تاجر السلاح (عدنان خاشقجي) التي جاءت من العقود الحكومية مع وزارة الدفاع السعودية. فبعد أن يُسلم (خاشقجي) السلاح لعصابات الملكيين اليمنيين - والتي هي أسلحة بريطانية زودت بمساعدة سرية من الحكومة البريطانية - يذهب إلى الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع، ليسلمه ما تبقى من المبلغ. فيسأله الأمير سلطان: ((وماذا عن مصروفاتك؟ ألن تأخذ أي ربح؟)). فيرد المُحنك عدنان و الذي لم يكن قد بلغ الثلاثين بعد: ((لقد فعلت ذلك من أجل مليكي،ولا أريد ربحا. وللعلم فمجموعة الخاشقجي عندما أُلف الكتاب عام (1981) كانت تبلغ خمسين شركة.
ثم تناول المؤلف أيضا فيلم (موت أميرة) والذي تناول حياة (مشاعل حفيدة الأمير محمد بن عبد العزيز ) وعشيقها (خالد مهلهل) و مجمل قصة الأميرة واضحاً فالأميرة مشاعل، ابنة أحد أبناء الأمير محمد (أبو شرين) الأقل شهرة،والتي زُوجت في عمر مبكر لقريب لها متقدم في العمر لم يبدِ اهتماما بها، فاتجهت لتعزية نفسها إلى عشيقها الشاب وتمتعت معه بعلاقة غرامية ولأن ذيوع قصتها فضيحة للعائلة. فقد حاول العشيقان الهرب، فقبض عليهما وأنزل فيها حكم القصاص عام (1977) وعلى إثره تم طرد السفير البريطاني من الرياض.

وقبل النهاية أذكر أنه وفي أحد أيام أغسطس (1979) وتحديدا في مدينة جنيف، إذ لاحظ مدراء العملات الأجنبية في البنوك السويسرية أن هناك تحركات غريبة وضخمة جدا في سوق  العملات الدولية. هل تدخلت حكومة في السوق؟ هل قامت دولة جديدة؟ إن حجم التدخل كبير جدا وضخم بما يكفي. فبدأت الاتصالات بين المدراء الأوروبيون ومع هذا فقد وقف الجميع حائرون في أمر هذه المسألة! ولم تتضح الحقيقة إلا بعد مرور بضعة أيام، فلقد قرر صراف نقود بسيط في سوق الرياض وضع جزء بسيط من نقوده الفائضة عن حاجته في سوق العملات الدولة، وعلموا فيما بعد أنه يُعرف بـ(سليمان الراجحي).

في العام (1981) كان (عبد العزيز القريشي) محافظ النقد السعودي مسؤولا عن (مائة ألف مليون دولار سنوياً) أي واحداً وبجانبه (11) صفرا. ولم يجد أبداً سبيلا لإنفاقها، ولاحظ كلمة سنوياً.
وفي النهاية ذكر المؤلف بأن المملكة تمتلك (45) حقلا نفطيا ولم يستخدم منها إلا (15) حقلا فقط .


تم بحمد الله. 






نظرات من كتاب ( المملكة ).. الجزء الثاني .






نود أن أشير هنا وقبل أن نكمل ما سرده لنا ( روبرت ليسي) كيف تمت تصفية وإنهاء قوة ( الإخوان) المرعبة. فبعد السيطرة على الحجاز تجاهل (ابن سعود) (الإخوان) وخاصة بعد أن أصبحت أعمالهم لا تروق له، فبعد تقطيعهم لخطوط الهاتف في جدة عام (1925) على أنها من الأعمال المحرمة والمنكرة في الإسلام لاعتمادها على أعمال السحر والشعوذة، كذلك نظرتهم لقائدهم (ابن سعود) عندما غادر الرياض عام (1924) متوجها للحجاز على ظهر جمل وعاد إليها وهو يجلس في المقعد الأمامي لسيارة لم يروها قبل ذلك، فاعتبر (الإخوان) ذلك نذير سوء. فقام على إثر ذلك قائد الإخوان (فيصل الدويش) وخاطب (ابن سعود) في مناسبة عيد الفطر وقال: (الآن وقد تم ضم الديار المقدسة، على المسلمين الصالحين أن يحترسوا من التأثيرات الأجنبية المضللة. ويجب عليهم كذلك أن يراقبوا أي انحراف عن الإسلام الصحيح وأن يعاقبوا عليه، ليس فقط في حالة كحالة الشريف حسين، بل كل من سار على خطاه وارتكب المنكرات التي ارتكبها الشريف) وبعد هذا كله اعتبر (ابن سعود) غطرسة (الإخوان) مهينة وخطيرة.
ثم جاءت بعد ذلك الطامة الكبرى،والعار الكبير الذي لحق سمعة (ابن سعود) عندما قام (الإخوان ) بمنع الحجاج المصريين والمحمل وهو كسوة الكعبة المشرفة والتي اعتاد المصريون أن ينسجوها سنويا، من الدخول لمكة وأداء مناسك الحج لأنهم شموا رائحة عبادة الأوثان عندما رأوا المحمل المزركش محمولا على الأكتاف. وجرح منظر حرسه المسلح كبرياءهم وعندما دوت (الموسيقى) (نفخت الأبواق) أثناء تجمع المصريين لمناسك الحج،و اعتبر الإخوان ذلك بمثابة انتهاك لآخر المحرمات.
مع مرور الأيام زادت إحراجات الإخوان لـ (ابن سعود) أمام الإنجليز وخاصة على الحدود الشمالية مع العراق والأردن، فهؤلاء البدو مؤمنون بالجهاد ولم يعترفوا بالحدود الدولية وكانوا على استعداد للتخلص من سلطة (ابن سعود) فورا إن هو رفض قيادة جهادهم ضد مخافر الكفار. حاول عبد العزيز أن يشرح مأزقه إلى بعثة بريطانية جاءت إلى جدة في مايو (1928) لبحث مشكلة الحدود معه.ولكن لم تكن هذه المرة الأولى التي يلتقي بها ممثلو بريطانيا بعبد العزيز سعيا لإيجاد حل للمتاعب على الحدود الشمالية.

زاد تمرد (الإخوان) حتى أصبح يطلق عليه (تمرد البدو). فاستغل (ابن سعود) ثروته ونفوذه للتأثير في القبائل فمنح كل شيخ قبيلة ستة جنيهات من الذهب لقاء كل متطوع من قبيلته ومنح كل متطوع مبلغ ثلاثة جنيهات ذهبية ومع هذا الدعم تجمع جيش (ابن سعود) لمقابلة (الإخوان) في سهول (سبلة) عام (1929) بقيادة الإخواني : فيصل الدويش. ولم تدم المعركة أكثر من نصف ساعة فقد حصدت الرشاشات البريطانية بدو (الإخوان) في لمح البصر.

ننتقل هنا إلى الفصل الرابع من الكتاب والذي عنوانه (البترول) فبعد أن تطرق المؤلف لسفر فيصل بن عبد العزيز إلى أوروبا للمرة الأولى عام (1919) ضمن زيارات حلفاء بريطانيا وفيه تعهد عبد العزيز الأب لبريطانيا على لسان فيصل بأنه لن يشن حربا ً على الحجاز الذي ما زال يحكمه (الشريف) الموالي للإنجليز، لمدة ثلاث سنوات قادمة على الأقل. مع أن فيصل وقتها كان عمره (14 سنة) لذا كان لزاماً عليه أن يخضع لدورة تدريبية في الباخرة البريطانية المتوجهة إلى لندن للتدرب على الموائد الغربية وكيفية استخدام الشوكة والسكين.

وعرج أيضا على اجتماع الأربعين (حرامي) كما أطلق عليهم تشرشل- رئيس وزراء بريطانيا آنذاك- 
وقد عُقد في القاهرة عام (1921) لمناقشة الخلاف بين الزبونين العربيين و اللذين كانا يطالبان بالإعانات البريطانية لتمويل معاركهما ضد بعضهما البعض،وايضا لتجزئة الجزيرة العربية والشام والعراق وكانت النتيجة أن تكون سوريا ولبنان لفرنسا أما فلسطين فللانتداب البريطاني والعراق يبقى لفيصل بن الحسين تحت رعاية بريطانيا وشرق الأردن تحت حكم عبدالله بن الحسين أما الحجاز فللشريف الحسين أما عبد العزيز (ابن سعود) فتُرك وشأنه في نجد على أن تُرفع له الإعانة كنوع من التعزية. وكأن هذا الاجتماع ما هو إلا تنفيذ لإتفاقية (سايكس – بيكو).

يأتي هنا المؤلف لقصة الذهب الأسود (البترول) وكيف أن الصدفة والحظ لعبتا دورهما ضد الإنجليز والذي لم يُكتشف بكميات تجارية إلا في عام (
1938) من قبل الأمريكان بعد أن نقب عنه رجل الأعمال والمنقب النيوزلندي ( الرائد فرانك هولمز ) عام (1922) بعد أن  دخل في صراع مع البريطانيين من أجل الفوز بامتياز التنقيب في الجزيرة العربية، فقد إلتقى (هولمز) بـ (أمين الريحاني) وسلمه رسالة لإبن سعود يطلب فيها منه منحه امتيازات التنقيب عن النفط في الأراضي الذي تحت حكمه، على أن يدفع إيجارا سنويا من الذهب. ولكن (السير بيرسي كوكس) لم يرق له هذا النيوزلندي فأخبره عن صعوبة منحه هذا الإمتياز متعذرا بأن الحكومة البريطانية لا تستطيع حماية شركته وسط هذه الصحراء القاحلة. ولكن (كوكس) كان كاذبا في ادعائه هذا، فقد أبرق للسير (أرنولد ويلسون) ممثل شركة البترول الإنجلو – فارسية المملوكة للحكومة البريطانية فقام (أرنولد ويلسون) عقب تلك البرقية بالكتابة إلى (ابن سعود) لعقد صفقه معه حول البترول.
عاد (كوكس) وفعل ما في وسعه للحيلولة دون حصول النيوزلندي (هولمز) على امتياز التنقيب عن النفط، ولكن أمين الريحاني كان يرجئ الموضوع كثيرا ويريد أن يكسب المزيد من الطرفين ولكن (كوكس) تجرأ وكتب بقلم رصاص مسودة الرسالة التي على (ابن سعود) أن يكتبها لـ (هولمز) وذيلها بـ (هل باستطاعة السلطان أن يتكرم بإرسال رسالة بالمعنى الوارد أعلاه إلى الرائد هولمز وأن يرسل لي نسخة منها؟(.
يقول أمين الريحاني في مذكراته أن (ابن سعود) غضب غضبا شديداً من هذا التصرف ورفضها فعلا لثلاث مرات ولكن في آخر الأمر حصل المندوب السامي البريطاني ( كوكس ) على مراده، وأصيب أمين الريحاني بخيبة أمل وكتب بمرارة يقول: إن عبد العزيز يقول إنه لا يخشى إلا الله، ((لكني أخشى أنه يخاف أيضا أن يفقد مرتبه السنوي )).
غادر (هولمز) جارا أذيال الهزيمة وغادر بغداد وكان في وداعه بالصدفة أمين الريحاني، ولكن وبقدرة قادر ولبعض الأمور السياسية التي لم أتبينها أنا (كاتب هذه الأسطر) تسلم أمين الريحاني وبعد تسعة أشهر من مغادرة (هولمز) وبالتحديد في أغسطس (1923) رسالة من (ابن سعود) يقول فيها ( لقد منح إمتياز البترول في اراضيه للرائد (هولمز) ومجموعته ((إيسترن أند جنرال سنديكت)). وهكذا أحبطت مساعي كل من شركة البترول الأنجلو ـ فارسية والحكومة البريطانية.
ولكن كل هذه المعارك وهذه المحاولات باءت بالفشل فقد قررت مجموعة (إيسترن أند جنرال سنديكت) أن لا فائدة اقتصادية من التنقيب عن النفط القليل جدا والموجود في الجزيرة العربية. وأنهت عقدها عام (1927). فغضت بريطانيا بصرها عن نفط السعودية تماماً.

وفي 25 فبراير (1931) وصل جدة الأمريكي ( تشارلزر كرين) وكان أول أمريكي يجتمع به (ابن سعود) وكان في جعبته عرض بالقيام بمسح جيولوجي مجانيٍ لأراضي الجزيرة. الأمر الذي جعل (ابن سعود) يرحب به بأداء العرضة النجدية أمامه هو وأبناؤه. وكان حصيلة هذا التعهد هو تدفق النفط من البئر رقم (سبعة) عام (1938) وبكميات لم يحلم بها العالم كله.

نكمل بإذن الله في حلقة قادمة ماحصل بين (ابن سعود) و (روزفلت) في البحيرات المرة، وقيام دولة اسرائيل وقصة قتل نائب القنصل البريطاني ( سيريل أوسمان) في مدينة جدة . واغتيال الملك فيصل.