مسجد معاذ بن جبل، موقعه وحقيقته.








تناقلت وسائل التواصل مؤخرا خبرا عن مسجدٍ في منطقة "سدوان" ببللسمر وزعم صاحب الخبر أن هذا المسجد يعود بناؤه للصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، وهذا من غريب الأخبار الواردة، فبيانا للحق عُدت لبعض كتب التراث التي ذكرت ودرست جغرافية وآثار تلك المنطقة، فأوردتها هنا جامعا لبعضها، لا انتقاصا من مكان، ولا ازدراءً بسُكان، ولكنها حقيقة تاريخية تفرض نفسها فرضا.

في كتاب الهمداني المتوفى سنة (٣٣٤هـ) المسمى (صفة جزيرة العرب) لم يذكر مسجدا لمعاذ بن جبل إلا في قوله عند صفحة ٥٤ (طبعة بريل) (أول مدن اليمن التي على سمتِ نجدِها هي (الجَنَدُ) من أرض السكاسك، ومسجده يُعد من المساجد الشريفة كان اختطه معاذ بن جبل ولا يزال به مجاورة وإليه زوار)
ثم ذكر في صفحة ١٢١ (ثم الرهوة رهوة بني قاعد من العذميين من بلاد شهر قريةٌ شعفية على رأسٍ من السراة ثم سدوان وادٍ فيه قرية يُقال لها (رحب) لبني مالك بن شهر، تنومة وادٍ فيه ستون قرية أسفله لبني يسار وأعلاه لبالحارث بن شهر)، ولم يذكر بها مسجدا لمعاذ رضي الله عنه، فلو كان بها لذكره كما ذكره عند حديثه لمدينة (الجند)، أو لشهرته ومكانته لو كان موجودا
وفي كتاب المسالك والممالك للبكري الأندلسي ذكر: (والطريق من صنعاء إلى ذمار "جنوب صنعاء" وهما مرحلتان إلى قرية تدعى جردان، وعلى هذا الطريق وادٍ معروف عندهم وأكثر أشجاره الأثل والطلح وفي هذه الناحية صنمٌ كان قبل ظهور الإسلام، ودون ذمار مساجد لأصحاب النبي  ﷺ منها مسجد معاذ بن جبل وأهل اليمن يعظمونه ويأتونه) ولم يذكر غيره في كتابه
وأيضا في معجم البلدان للحموي قال : ( الجَنَدُ: بها مسجد بناه معاذ بن جبل وبين الجند وصنعاء ٥٨ فرسخاً).
والخُلاصة ألا صحة لما ذُكر أخيرا من أن مسجدا لمعاذ بن جبل في قرية (رحب) بسدوان في منطقة بللسمر. وإنما هو في (الجند) في أرض اليمن الحالية وهو المشهور والمعلوم. والله أعلم.

كتبه
بندر بن علي الأسمري. (٢١ ربيع الآخر ١٤٣٧).