الجهلُ الذكي والتعليمُ القاتل.

كنتُ قبل زمنٍ ليس بالبعيد أرزحُ تحت ظُلمة الليل البهيمِ وأسيرُ على غير ذات الهدى، حتى وإن طمعتُ بالمزيد فلا أبرح أن أسير في طرقاتٍ أجدها عصيبة تتهاوى فيها شهب الظَلال وتأكل أطراف قدميّ الصخور وتلدغها أفاعي الجهل، زُين لي سراجٌ على أنه نجم الشمال فتبعته، وأُوقدت لي شمعة حسبتها الشمس، على السليقة سلمت، وبالطبيعة آمنت. ثم سار بي الطريق حتى دخلت لُجةَ وادي لستُ من أهلهِ ولا من زواره فانهالت على رأسي الصخور صخرة صخرة. وما كان الظلامُ ظلاماً إلا من أمورٍ جهلتُها ثم علمتُها، أُناسٌ ملَكوا قِربَ العلم، وعلماء استحوذوا الدرس والتدريس، فسقوني من الماءِ لا حسب ظمئي وعطشي بل جعلوه حسب أهوائهم...

2310

2310 ما أشد غرابة هذا الزمان! فلو كان لهذا العصر لسان البشر لصاح واستنكر وأزبد وأرعد، وساق الحجج يُسمعها ما وراء الثقلين. كلنا قد اطلع على التقرير الذي جلبَ لنا العارَ والخزي أمام الأمم، ذاك تقريرٌ بثته الوكالة الأسبوع الماضي بتاريخ العاشر بعد المائة من سنة ألفين وثلاثمائة وعشرة بعنوان (مازال بيننا رجعيون)، وقد صدقت الوكالة بوصف هذه الثلة، ولم تُلصق بهم إلا ما اختاروه لأنفسهم من صفة ومزية، بل هو عين ما ارتكبوا من جرم وما ألبسونا به من عار أمام المنظمات العالمية. تملكتني الغرابة وأنا أقلب صفحات ذلك التقرير المخزي فإذ بنفسي مني وكأنني أُلقمها لحم فأرٍ فتهرب مني وتشمئز وتنقبض، فهل لعاقلٍ...

مُبررات الخطأ

سألتُ صاحبي الصحفي : لماذا هذا التهويل؟ فأجاب بكلمات مقتضبات أبانت لي عن تفكيرٍ مغلوط وتفسيرٍ رأيتُ فيه بعض الجهالة ولكنها تحوي بين حروفها الكثير من التأويلات والتي قد غفل عنها صاحبي عندما أجابني عن سؤالي بقوله: (إلي تكسبه إلعبه) هذا الجواب الحاضر والذي ما أتى إلا من سياسية مُتبَعة ودورات تدريبية حفَّظتُه، وأقول حفَّظته هذه الكلمات الثلاث. في هذا الجواب نجد وسيلة تبرير أكثر من أنها تقرير بالإضافة للكثير من المغالطات إن لم تكن كلها ولكن تجاوزناها تجاوزا. المكسب والكسب لفظة عامة وهو حق مكتسب لكل فرد في المجتمع فمنها الكسب المادي والكسب الأخلاقي والقيمي والاجتماعي والكسب العقلي وغيرها...