بفضل المنان، الكريم الرحمن،
الناصر القوي الأمين، القادر الولي المتين. تمت وسكنت العاصفة، عاصفة المجد
والإباء، عاصفة الكرامة والنخوة والشهامة، عاصفة الحق رفعِ الراية. برسمِ الشريعة
فاءت الشرعية، وبمنهج رب السماء عاد رب الغبراء، صرخ الصنديدُ فَظَل العدل، ووجم
الرعديد فَضَل البغي. هي الرسالة مضمونها:
إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا ...... أو تنزلون فإنا معشرٌ نُزل،،
وقعت كلمات وقف الحرب فكان موقعها
موقع الروح من البدن، ووقْعها وقع الماء من ذي الغلة الصادي. فالفرح صالحٌ محمود
إذا وافق الموضع ولما يجاوز المقدار. فلله الحمد الذي سدد سهم الحق في رمي الباطل
وحلَّ عقال الشر بيد الخير.
في الحرب تتعارك الفحول وتفتح
المنايا أفواهها، فيكون لها في دفتر الأيام دم، وفي بيوت الشجاعة فراق وهجر.
للحرب وجهٌ قبيح ينزُّ بصديده
وقيحه ليتقاطر قطرة قطرة على صفحات أُناس اكتنفتهم من غير رأي، وأحاطت بهم من كل
جانب. للحرب زئيرٌ موحش تخطف مخالبه الأرواح وتمزق أنيابه أوصال العروق. للحرب
مرداة صخرٍ تتهاوى، ترضخُ في مسالكها كل يابس غليظ شرس، ناهيك عن كل هامد وديع
سلس. للحرب مثالب لا يعيها إلا من عاشها وعايشها واكتوى بنارها، لهذا لا يبغض
الحرب مثل جندي.
للحرب سباع تظهرُ لمن كان يملك
الشجاعة ليخوض غمارها فقط.
فلنرفع أكف الحمد لمن حمانا من
نارٍ كانت ستأكل أخضرنا ويابسنا، وأبدلنا نعيم الأمن بجحيم الوحشة، ونرفع أكف
الدعاء دعاءً لمن حملوا أرواحهم على أكفهم، وودعوا زوجاتهم وأطفالهم، لمن ذهبوا
لردع البغي وقالوا سنعود فقالت الحرب لن تعود. لمن ترك حُبَّ الأب والأم والزوجة
والابنة وهو موقنٌ أن الموت مُمسيه فإذ به مُصبحه. لمن لم يعزب العقل عنه ولا خذله
رأيه ولم يركن لبلادة وجُبن وخناعة فنالته رصاصة الشهادة من بندقية الحاقد.
لنرفعها دعاء بالرحمة وتضرعا بالمغفرة وابتهالا بالرضا، لنرفعها بُغيةً للقبول
ورجاءً للصبر وأماني بحسن المآل.