فتاة الحي، فتاة قمراءُ، هِبةُ الجليلِ،
عطيةُ الرحمنِ، روضةٌ غناءٌ، التَحَّ عُشبُها و اغتم ، لعوبٌ حَسَنةُ الدَّلِّ،
حوتِ الأنوثة من حوافها، وحازت الجمالَ كُله دِقَّه و جِلَّه. نزلت من السماء،
فتلقفتها الأرض، عاشرتِ العظماء والجبابرةَ الأقوياء.
مؤدبة ملوكٍ وخلفاء، مُعلمة شيوخٍ أجلاء. أُريق تحت قدميها دماءٌ و دماء.
تواضع لها الفارسي فرفعتهُ، وعشقها الكِناني فزادته إجلالاً وألبسته وقاراً.
وهناك على الطرفِ النقيض وفي الضفة المقابلة:
مقتها هولاكو فأزال الكتب والمكتبات، وأبغضها المسيحي الصليبي فأحرق غِرناطة وأقام محاكم التفتيشِ تنكيلا بها، حنق عليها أتاتورك اليهودي الظالم فاغتصبها في وضحِ النهار وأعمل فيها بعنجهيتهُ، وهي المتواضعة الخاضعةُ المُذعنة.
وافاها طوفانٌ مُفاجئ، وموجٌ سريعٌ متلاطم، وريحٌ صرصر بارد، فخرجت رافعة الرأس، مُنتصبة الصدرِ، أنفها للسماءِ، وكعبها فوق السحاب، شامخةَ عزٍ ومُتكبرةَ إباءٍ.
هذه لُغتنا العربية، على جراحها تقوى ومع وصَبها تفوزُ وتنتصر، تسلخُ عنها الوجع لتلبسَ الغِبطة وتنزعُ العذابَ لتتسربل بالفرح.
إعلامنا الهزيل حصرها في زاويةِ الناقةِ والجملِ وأبي جهلٍ وتباً لك وسُحقاً فقط.
ووزارة التعليم هتكت الحُجُبَ وجردتها أمام أعين الذئاب في ليالي الظلام.
والجامعات ضعيفة الحيلة رديئة المسلك سيئة السمعة.
الفرنسي يُقدسُ نابليون بونابرت ولغة حربه وآلامه، فيمثلها أمام شعبه حيةً في يومياته وشاشاته وأفلامه على ما ينضحُ منها من عارٍ وخِزي ولكنه تاريخه الذي زرع في أبنائه بذور الثقة وغِراس الأمل والطموح.
ونحن أبناء العربية السماوية، نُكني الفصيح (مُتشدق) والبليغ (متفيهق) والمُفوه (مستهزئ) والِمِلسان (ثرثار) فواويلاه لو خرج الفراهيدي من قبره والكسائي نفض تُراب لحده.
وأخيرا فهذه الفتاة الأصيلة لن يعشقها إلا عربيٌ أصيلٌ، ولن يعاقرها إلا مجيدٌ كريمٌ .