‏إظهار الرسائل ذات التسميات خاطرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات خاطرة. إظهار كافة الرسائل

لحظات تحت المطر.



راعٍ للغنم على قمةٍ شاهقة تخترق السحاب تارة ويلامسها تارة أخرى، يأخذني غروري لرفع يدي لعلي أبلغ السماء، تلامسُ وجهي ذرات الغمام فيرتعش جسدي من نسمات بردٍ لا يضر، للمكان رائحة امتزاج ألوان الطبيعة، فعشب أخضر مع ورد أصفر يبدو ويستترُ بحياء خلف ستار ذاك الغمام، تتراقص الأغنام نشوى وفرِحة، صغير يُشاغب بين أقدام أمه بحثا عن قطرات الحياة، وأخرى تقفز لاكتشاف معالم الكون الجديد، عشُّ حمامةٍ قابع في هدوء معلقٌ في السماء فيه ثلاث بيضات، تصمت صاحبته وتسكن مخافة أن تكتشفها يد الإنسان فيُحيل لحمها مشويا، وبيضها مقليا، في حفيف الأشجار حكاية، وفي سكون الأحجار رواية، حكاية تتحدث عن عزلة عاشت بعيدا عن الضجيج، ورواية تحكي فصول الانتصار على الإنسان، عند الأصيلِ أشياءٌ تتحركُ من حولي تُلهمني الخضوع، وتزرع في قلبي الهدوء، فيعلو حاجب الصمت وتتردد على الأذن همسات السكون، للسكون ترددات ملونة لا يدركها إلا من حبَّذ عزلةَ الاجتماع، ترددات لا تُدرك إلا بالانفصال عن ترددات الاتصالات وشبكات الإزعاج، أُلقي برأسي على وساد أخضر، أشارك الطبيعة مخدعها، آمل أن أسمع دبيب النملة عائدة لجحرها، تلتصق مفاصل الجسم الترابي بأصل التراب، تحتجب السماء خلف الأشجار، تأتيك رياضة الاسترخاء رغما عنها، تناجيني الأرض أين أنت عني؟ أشَغلتك عني مراكض الحياة أم آثرتَ بدائل الزمان؟ تنسلُّ من جسمي شحنات طاقةِ الألم، وتغادرني رعشات التوتر والقلق، علمتُ أن الأرض كانت عيادة الضعفاء، اقتربت أغنامي أسمع صوت احتكاك أسنانها تقتطع العشب، هو كوكب العطف وبذل الحياة رغبةً في استمرار الحياة، لن تتوقف الحياة مادامت هناك أرضٌ تبذل، زخات المطر تتساقط من كفوف الملائكة، لا أريد النهوض، في الاستلقاء نعيم آخر، تدوي أصوات الرعد وتومض أضواء البرق من فوق جفونٍ مغلقة، تسقط قطرة، يتلوها قطرة، حلَّت رحمة الرحمن، دعني أغرق تحت ماءٍ لم يعرف النجاسة ولم تعكره مصانع تكريرٍ أو تحتجزه سدود الإسمنت، كأن السماء اطَّلعت على صدري فأرادت منحي كل ما أريد، بل علمت حاجتي فوهبتني ما أحتاج، مع قطرات المطر شُيد جسرٌ بيني وبين السماء، فسيح وسيع معطاء أراه وإن أغلقتُ عينيّ، تتدفقُ معه أحاسيس الأمان، شيء متصلب داخل صدري، أشعر أنه غادرني، عند الأصيل كانت الطبيعة تعزف معزوفتها الملائكية، كنت في شهر أُغسطس، ارتجفت من البرد، ولكنه كان بردا منعش، مدّني بالقوة والنشوة، مدّني بالأمل، أوهام كانت تتورم داخل رأسي لم أعد أشعر بها، كوابيس كانت تجثم على صدري لم أعد أعلم مستقرها، الأصيلُ هو وقت عمل عيادة الضعفاء، أيقظتني عجلتي وتسرعي، فتحت عيني، تبدل الكون والسماء غير السماء، لبست الأرض لباس الماء، كان كل ما حولي يجري جريان الأودية، السيول تقفز من علوٍ إلى دنو، مع قفزها صوت ارتطام الماء، قد غادرت أغنامي، لابد أنها التجأت لمسكنها، وقفت أغسل رأسي تحت صنابير السماء، وضعت قدمي فانزلقت، وقعت على ظهري، هذا ما كانت تشعر به "هايدي" في زمن الطفولة، رائحة الطين، هذه هي رائحتنا قبل أن نعرف البصل والثوم وأسواق باريس، استقمت وألقيت رأسي للخلف، اغسلْ أيها المطر أدران علب كبريت نعيش فيها، شرَعتْ الأماني تملي حضور من أتمنى حضوره، الأماني تكون وسائط السعادة، لوقع أقدامي ارتطام بالماء، تخضبت بالحمرة وعلاها الطين، كان البيت لا بالقريب كما أنه ليس بعيدا، مع كل قطرة تسقط كانت النفس تعود لمسارها القويم، غلبَ الظلام انتظاري لقوس الألوان، وعُدت لأوكار البشرِ مطمئنا لعزلةٍ اخترتها، لم يشاركني فيها سوى قطرة مطر، وترنيمة طائر، وأوحال طين.

أضعتُ دليلي






اجعلها على حِجاجك الأيسر أو نُصب عينيك فلا تزيغُ وتتوه بين مسالك غاباتٍ موغلة أو في صحراء فاغرةٍ تتكالب عليك عندها أضياف الهوام وأوهام الضياع وتلمعُ أنيابٌ في ضُحى نهارٍ مُتقدٍ بين صور الآلِ ورسمات السرابِ الذي يحمل غيثاً في جعبتهِ بقدر ما يحمله من بؤسٍ وجفاف.
لم يعتقد من قال "اجعلها على حجاجك" أنها يوما ستحتجبُ وتهجر وتُهاجر، تحتجبُ بأسمالِ النأي، وتهجر أسمارَ التفَكُّه، وتهاجر عن عرصاتٍ كانت لها سماء.
تجدُ لبعض من يكتب ويُملي الحرف وجهةً أرادها باختياره لها هدفٌ لا يقوى تحقيقَهُ إلا بعلامات وإشاراتٍ تُنبههُ إن مال عن الطريق وغفل عن الهدف أو اغتر بتلك الذات البشرية المتهافتة أو استقبح منها ما لا يُستقبح في العادةِ أو أبان عن شيءٍ مكروه بزلة قلمٍ ساهي العقل ذاهبِ القلب.
ولستُ عن صحبي بمعزل، وما تحدثت إلا عن نفسي وحالي، ولكن الأيام إنما هي ثياب تُلبسُ وتُخلع، وما هي في تغير طبيعتها وتقلبِ أحوالها إلا لأنها تُلبسُ وتُخلع. بالأمسِ كنتُ بدليلي دالاً للطريق، وكان به الطريقُ لاحباً حَسنَ الدلِّ والدلال، أما اليوم فدليلي أفَل، ومُعيني توارى وذهب، بوصلتي مادت، هاجت وجاشت، وما كان من شِمالي أن أَضيع شمالي. لقد طواكَ الليل ولفكَ بكل ثقل الظلام.

أبعد عني القدر من كنت أرى نفسي تتوازن به على ميزان حُكمهِ وعدالة نقده بكل منطق الوفي الصاحب والمُحب المُخلص والقاضي العادل. كنتُ كلما وجدتُ نفسي أكثر ضياعا كلما وجدتُ نُصحه أكثر بياضا. في اللحظة التي كنتُ أعتقد أن عليَّ أن أموت فيها كان هو كل ترياق الحياة. لطالما أرحتُ قلمي عن البناء بعد التشييد لآخذ بتلابيب نُصحه وبمقبض سكين نقده فأُعمل تشييدا بعد التشييد. فتغدوا كلماته كملكات جمالٍ مجردات من البهاء الدنيوي ما إن يقعن على شيءٍ حتى يُصبح أكثر رقةٍ وألقاً، يفوح منه عبق الورد. رحل بعد أن كان لي قبل ارتحاله إبرة الشمال، لقد كذبتُ، إنما هي من كنتُ أجعلها على حجاجي الأيسر أو نصب عيني من غير أن تتزحزح قيد أُنملة. 

هيَّاب .





أقفُ على جبلٍ رقيقٍ مشدودٍ بين الحقيقة والزيف..
حقيقةٌ هاوية.. وزيفٌ مُهلك...
لحظاتٌ خاوية.. وفِكْرٌ مُمْسِك...
العقول تحت قِحَف الجماجمٍ حالِمة...
فإذا انشطر الجسدُ فالروح دائما مُستحكِمة...
جراحُ الضميرِ ومالحُ الذكريات المؤلمة..
خياراتٌ شائكة، ولن تُشاركني الحصباءُ دماءَ أرجلٍ حافية.
....................

حروفٌ ذات قروح .






بداخل صندوق مضلع

واسعٌ تجري فيه الجبال
ضيقٌ لا يحتمل نسمة الهواء

رقيقٌ يَشِفُّ عن بعضه
غليظٌ مُتَقرح ككعب راعي بدوي

في سماديرِ سكرةٍ
أم صحوةِ مُتنبه؟
على تلك الأرض تُقِلُّنا
خطواتٌ تجرنا
تحت ليل بهيمٍ يُظلنا
-
تائهٌ حائر
في بادية يلفها سراب
سرابٌ من أمل
عند كثبان من رمال
رمالٌ من خَيبة
-
كنت قد ابتُليتُ بلدغةٍ
فما هلكتُ، وما برئت
أحثُ السير فتتعثرُ الخُطى
أنتشل الخطوة فيذروا الغبارَ ريحٌ
ريحٌ فيَّأها هجرٌ
هجرٌ أثار كُل تِلك الزوبعة
أُحيلُ عن عيني
أرى الظلامَ نوراً
أُحدقُ، فإذا النور ما هو إلا مسمارٌ مسمومٌ تّدُقه مطرقةٌ بانتقامِ صليبي
أكوي هذا القرَحَ المُمِدَّ
بكلماتٍ كانت من الماضي
كانت
تُدفئ الضجيع، وتُشبعُ الرضيع
-
لن أجد إلا هذا الثرى الجعدَ الذي لا أثر فيه لنجاة أو خسارة
أو ربما في تلك الحواشي الحَرَجَة مُظلمة الجوانب
-
سأبقى في ذات الصندوق المضلع
الواسع الضيق
ستفتقدني
ويردها إليَّ جورُه
تبحثُ عن حياتها بعيدا عن رُفات روحه
ويردُها إليَّ عدلي
تبحثُ عن حياتها قريبا من حُطام قلبي
ستبحث عني
في كل مكان
ماعدا مكان!
هو ذات المكان عند كثبانِ الرمال

في البادية التي يلفها سراب
سرابٌ من أمل
ورمالٌ من خيبة . 

خفايا الروح من بعد البُعاد.








بين جوانح الصدر لهفةٌ ولوعةٌ واشتياق من أثر نوازل الأيام، ومُكابدة القهر والآلام.
فما الحب إن لم يكن لذة يغمرها وجع؟
وشهية يناكفها امتناع؟
ومُتعة يُنغصها أنفه؟
ولهفة يُعارضها إعراض؟
ولوعة يضايقها مجافاة؟
أو شوقٌ يُكابر عليه حبيب؟
كلها تُعمِلُ في القلب كما تُعمل المَعاول في الأحجار الصم حتى نسمع لها صليلاً وزجلاً.
بل ما الحب من غير حنين، وما حنينٌ من غير ضياع، وما ضياع من غير فتاة قضى عليها القدر بمكانٍ ناءٍ بعيد.
حنينٌ يصحبه أنين، وأنينٌ بكفه مباعض الجراحة،
يجرح، يُدمي، يستثير أمطار العيون.
يُمازجه عزلةٌ عن البشر عسى أن يكون حاجزاً عن إزعاج البشر.
هي كذلك الأيام عندما تمضغُ بأضراسها أوقات التزاور من أطباق الحُبِ ثم تتلمظ وتلوك أقداراً كُتبت ثم تتمطق بلسانها بعد أن لذَّ لها المذاق الذي نحاول معه الامتناع والإحجام فيذهب جهدنا مع رياح تلك الأيام، التي تُقابلنا بظهرها وتلتفت لنا وهي تُرْمِزُ بحاجبيها عجبا وسخريةً وتهكماً.
هو الحنين المُلقى على فراش الموت يرتجي نوالاً من محبٍ ولو كان قميصا مُوشىً برائحة حُبٍ كان ينتشي بها لحظات العناق.
كُنا وكان ثم مازلنا وزال.
بتنا وبات حتى بِنَّا وما بان.
أُواه هل من تلاقي يهبُّ من تحت أطباق رمسهِ ينبعثُ ينفضُ عن أكفانه تراب الوداع والانفصال.
أُواه هل من حبالِ وصلٍ تصل ما انْبَّت وانقطع.
أُواه هل من ترياقٍ يُصَبُ في أوردة المُتلهف المُشتاق الوالهِ من ريقِ ذاك البعيد.
أُواه منك أيا ذاك البعيد.

أيا ذاك البعيد......

حروف كأنها انتقام




في سرابِ الخيالِ مكنتِ.
اختيار الوهمِ من الحقيقة.
أبحرتِ إلي على مراكب الوصل، عطشى لشِربَة،
سأمنحك..
ولكن الموت،
سأمنحكِ الفناء،
هو القيمة الحقة لبضاعة كانت مزجاة،
،
ما العشق في سراديب الظلام بذي شمعة،
وما الحبُ وسط أكوامِ الغُبارِ بمُستطاع،
،
تتقلب صفحات الأيامِ برائحةِ  الماضي،
يصيحُ ديكُ القومِ فنُغلق الآذان،
تهتزُ نخيل الواحة طرباً وحزنا أحياناً،
هي قطيعُ الأرواحِ تحملُها صفائحُ اللهب،
بل خنادقُ الحياة من تحت طبقات الاحتجاج،
هي مقاعد البرلمان المستبد الضاحك،
،
سأسأل اللحظة،
أيا لحظةٌ
أأدمنتِ اللقاء، أم اعتدتِ الدفء والوفاء؟
هل اشتقتِ لذاك اللسان الرطب، والشفاه المتوردة؟
لا تتنكري لقلبٍ مسلوب الإرادة.
هل تذكرين لحظة العناق، لحظة الاحتضان، لحظة الولادة؟
هي صورة زاهية أمام عيني، رغم عجاج الزمن،
،
ما زلتِ في الصورة بغطائك الأخضر، وعيونك الوجلة، وقلبك النابض، وأصابعك المرتعشة،
ما زلتُ أنا بحبي المتقد، بلهفتي النارية، بسرعتي إليك، بخوفي من القادم،
،
عام أعقبه سنة،
سنة أعقبتها سنين،
مالِ هذا الحنين،
مالِ هذا الحزين،
اغربي يا مناجاة الأمس، وهمس اليوم، وبكاء الغد،
اغربي يا هجير الشمس، وظلمة الليل، وسناء القمر،
بل تعالي - ليتني - أمنحك الدمار،
،
استبحر قلبي بعِظم البلاء، وأضحى كالحطباء، وسيبقى خرابا يأوي إليه
البوم
والألم المحتوم
والطيش المَلُوم.

،، 

صَفُّ البَعْثَرة







كن المظلوم ولا تكن الظالم
حروفٌ تتراصف على لوحات النظر
لونُها من نزيف الروحِ
يقطعُ سكينُها الجوف
فيضطرمُ الفؤادُ ويهوي
وتهوي معه التيجانُ والعروش

في غاباتِ الواقعِ الأسود
تزدحمُ مناكبُ نيرانَ الكُرهِ
حتى يكفُرَ القمرُ بالنور
ويمارسَ الكونُ معتقدات الجحودِ

في غاباتِ الواقعِ الأسود
تُمطرُ السماءُ بجثث البُغض
على قبورٍ ملْأى بالدمِ الفاسد
ترتشفُ منها الأرض وتَرْوَّى
ويَنبُت البغض ذاته من جديد

في غابات الواقع الأسود
الحقولُ مزدحمة بأوراقِ وردٍ مسموم
اللون يبدو والحقيقة تَخفى
كقاتلٍ مأجورٍ وضاء الوجه
يدسُ سيفه تحت معطفه

في غابات الواقع الأسود
كُسرت أجنحة الطائرات
تهدَّمت جسور الأنهار
ووقفَ الكون على شنقِ الحب

أوراق الصفصافِ ذَبَلت سأما
ثم سئِم الذبولُ فتلاشى
حقائقُ الحقِ العدم
وزيفُ الخدْعِ الوجود 

يا ساحق الجبابرة العِظام
ومحيي الصُلب والعِظام
اهد تائه الصحاري القفار
لبرٍ تنقطع إليه الدروب والأسفار

يا كاشف الهم اكشفْ
يا جالب الخير اجلبْ
يا قاهر الضنك اقهرْ
يا مُبدل يا مُغير

انبتْ لنا شماريخَ واقعٍ أبيض

قرار ملكي





قَطِّع، قَسِّم ، جَزِّء ، اسرق ، كُل، اغتصب.
كعكة، فطيرة، شطيرة، خُبزة، كِسْرة، شرف !!!
اغمسه في الترفْ.
ثيابُ قارون التحفْ.
صَرفْ.
غَرَفْ.
مألوف، دارجٌ بينهم في الغابة.
انحرَفْ.
يا وزير، امنحه الشرقيَ من البلاد.
وألفاً من الجياد.
جدته ( نوره) وهو من الأسياد.
وباقي الشعب أسقطهم تشاد.
انظر هذا ( الدُرُّ ) وهذا ( الكهرمان)
هذا (مُريح ) وذاك ( خالد ) و( مشعل ) والأخير (منصور ).
لم يهبط مثله على مر العصور.
رُكن الأمه وعماد الدين، كعمه المنصور.
علماء وربك، حكماء، أتدري أنهم كلهم وزراء.
كُلهم وزراء.
كُلهم وزراء.
أبوهم ملك، صحيح.
إنها الأمانة والترشيح
ترشيح، ترشيح، ما من قطُ تشريح.
ولك أن تستريح.
أنا أكره المديح.
لا تُطلق سهام فكرك أيا مواطن.
اجعلها في الكنانة.
قيد بعيرك نحن أمراء البواطن.
نحميكم يا سفلة.
من أنفسكم يا جهلة.
لنا الصدارة والسماء.
نحكمُ،
نقتلُ، نزني.
نمنع عنكم الماء.
نحن الأمراء.
نحن الخلفاء.

يا تعاسة الجبناء.