شعوذةُ عين .

وحيدٌ في ساحة مظلمة مستوحش المكان تتراعد فرائصه مُحتبئٌ في جلسته ذقنه غُرز بين ركبتيه نظراته للشرق منتظره الأفق بعيد والسماء كما الساحة مُظلمة انسكب عليها كحل العيون فلا سُهيلاً تجد ولا ثريا . . فلاحت منك نظرة مشرقة نورا آسرة وجداناً ساحرة شاباً فاتنة قلباً خلابة فؤادا بديعة لا شيء مثلها تحوي دَلُّ النساء ودَلالهم وتدللهم لاحت تلك النظرة من مُقلةٍ واسعة المحيط رقراقةً ذات بصيصٍ وتلألؤ كبرقٍ لمع أو لمعانٍ برَق كلؤلؤٍ أضاء أو ضوءٍ تلألأ كبحيرة هادئة تحتضن البدر يلفهما أغصان تتدلى مائلةً تحمي العاشقين لها صوت الهدوء وهمسات السكينة وخفوت الطمأنينة . . رفع...

حبيبتي والأوباش.

مشتاقٌ لرؤيتها فهي الصبية التي أذهلتنا وأذابت قلوبنا حبا وعشقا عندما كنا في ريعان الصبا وفتوة الشباب. عندما وقفت أمام دارها هوتْ عليَ سحائب الذكريات مع زخاتٍ من مطر الفرح والسرور، فها هي السنون جرت و تلاحقت وقد أخذت منا قيمة وجودنا فيها، ودفعنا من أعمارنا فواتير لهوِنا وسرورنا وغبطتنا حتى طار غرابُ الرأسِ و هبطَ مكانه طائرُ (البوم) الأبيض. و بيدٍ مرتعشة، ذات عروق بارزة، كأنها جذورُ شجيرةٍ صغيرةٍ جرف ترابها السيل، طرقتُ البابَ المهترئ الذي ينبيك بما تَلبَّسه من غبارٍ أنك مقبلٌ على دارٍ أصحابها ملوها فهجروها، وتركوها لقطط الليل وكلاب الشارع. طرقتُ أخرى فلم أسمعْ أحدا يجيب فطرقت الثالثة،...

ابن جاري .

أقول لهم وقد جد الفراق......رويدكم فقد ضاق الخناقُ. رحلتم بالبدور وما رحمتم....مشوقاً لا يبوخُ له اشتياقُ. وداع الغريب مؤلم. ووداع الحبيب قاتلٌ. سنةُ الحياة عناق ثم فراق وأكثر الأحيان هي عناق وفراق. ما إن تتلاقى الأيادي والأكف وتتشابك الأصابع بعد تشابك القلوب حتى تنسل من بعضها فتسمع -واحر قلباه- حشرجة الصدر وأنات الألم و غصات الحنين. تسكبُ جفون الليل قطرات الندى على تيجانِ الأزهار ليأتي النور ويبخرها كأن لم تكن. فراق يتبعه فراق، وبُعد يتلوه بعد. ومن عجيب هذه الحياة أن هناك من يمشي حولنا و يدور في فلكنا من أقارب و أصدقاء حتى أننا نستنشق أنفاسهم ونشم رائحتهم ونرى ضياء وجههم ونبتهج...

آلام.

أهكذا ستسير السنين؟ أهكذا سينقضي العمر تحت أقدام الليالي والأيام؟ أهكذا تتهشم اللحظات الجميلة ؟ أهكذا يتصدع زجاج الحب ويهوي كحبات من الكرهِ والحقدِ ليجرح أصابع من يمسك به؟ أهكذا تنطفئ شمعاتُ الأملِ ويخبو نورُ السراج؟ أهكذا يغطي الظلام أبصارنا؟ أم أن السير بغطاء من الظلامِ في النور أفضل من السير بنور الفؤاد في ظلام الطرقات؟ الجواب بأن الألم أصبح طبيعة والوجعَ حياة والجُرحَ عادة ونزيفه ارتواء.  دمعةُ بلا بسمة، ووداعُ من غيرِ عِناق، وليلٌ بلا صباح، وسموم بلا نسيم، وجفاف من غير مطر، ضِحكةُ من غير نواجذ، هدوءُ من غير سكينة، فقرٌ مع مال، وعريٌ مع لباس، وكآبة مع ملاهي، وسقمٌ...

وطن يرقص ألماً .

ناديت بصوت جهور وصحت حتى تقطع الصوت. يا  لتلك المغرورة الغائبة، الفاتنة الساحرة، والأنثى المغرية. أريد فقط حوارها وسؤالها عن فِعْلنا بها حتى تركتنا تحت ظلام الليل تنهشنا السباع و تأكلنا الأسود والضباع. ماذا يا سيدة النساء؟ جسدك الطري لم نقترب منه وجلدك الغضُ لم نلمسه، و نهداك النافران لم نتحسسهما، فقط اكتفينا بالنظر اختلاساً، أما أردافك المتكورة فلنا معها ومع الجُبن قصة.  فنحن ابناء شيخٍ علَّمنا منذ الصغر على حُرمة الإقتراب منك والتغزل، مع الحفاظ على حقوقك وكرامتك وشرفك، ومن غير أن نسأل ماهية الحقوق والكرامة والشرف. أناديك فعساك تسمعي كلامي وتنصتي لأنيني وتتلطفي مع حشرجة...

هل تعلم أين الحقيقة؟

هل هناك أشياء؟ هل هناك حقيقة للأشياء؟ هل ما نراه حقيقة؟ كيف هو الكون من حولنا ؟ من هو صاحب النظرة الصحيحة للكون؟ أنا أم أنت أم الجمل ؟ هل الوردة الصفراء صفراء؟ وإذا كانت صفراء فهل تراها النحلة صفراء أيضا؟ أين الحقيقة هل هي في نظرتنا الملونة الطبيعية أم في نظرة أشعة أكس التي تظهر الأشياء بدون ألوان؟ هل أشعة أكس تظهر لنا الأبيض والأسود أم أننا نحن من نراها هكذا؟ أليس من الممكن أن الطبيعة من حولنا عديمة الألوان ولكن الله جعل على عيوننا ما يشبه العدسات الملونة فتحول المشاهد إلى ألوان جميلة وهي على غير حقيقتها؟ أليس من الممكن أننا كائنات ضئيلة الحجم جدا ولكننا نعيش داخل شجرة بلوط ضخمة؟ هل النار...