
نمقُتُ دائما في كوكبنا ذاك الكاتب الذي
يتحدث عن نفسه كثيرا، ويحشر كلمة (أنا) بين كلمتي (أنا) و (أنا)، متباهياً بمجده
الغابر أو مفاخرا بغابره الحاضر، ندرك منه شدة غروره قبل لين سريرته فكرهنا دخيلة
نفسه قبل أن نزدري ضحالة عقلة.
ولكن في رحلة إلى كوكب الأديب (علي الطنطاوي)
الوضعُ جدُ مختلف، فلا التربة هي التربة ولا الهواء هو الهواء، ففي حديقته (من
حديث النفس) انقلبت الحكاية وارتدّت النظرة الناقدة خاسئة حَسرى. هناك تحدث عن
نفسه كثيرا فأحببته كثيرا، وتألم كثيرا فدعوت له كثيراً، نقلبُ الصفحات فنلمس كم هي
معاناة هذا الأديب من ظُلم الأيام و كم هو ألمُ تقلب الدهور والحكام، وجور الأنظمة
وتجاهل الأتراب....