آلام.

أهكذا ستسير السنين؟ أهكذا سينقضي العمر تحت أقدام الليالي والأيام؟ أهكذا تتهشم اللحظات الجميلة ؟ أهكذا يتصدع زجاج الحب ويهوي كحبات من الكرهِ والحقدِ ليجرح أصابع من يمسك به؟ أهكذا تنطفئ شمعاتُ الأملِ ويخبو نورُ السراج؟ أهكذا يغطي الظلام أبصارنا؟ أم أن السير بغطاء من الظلامِ في النور أفضل من السير بنور الفؤاد في ظلام الطرقات؟ الجواب بأن الألم أصبح طبيعة والوجعَ حياة والجُرحَ عادة ونزيفه ارتواء.  دمعةُ بلا بسمة، ووداعُ من غيرِ عِناق، وليلٌ بلا صباح، وسموم بلا نسيم، وجفاف من غير مطر، ضِحكةُ من غير نواجذ، هدوءُ من غير سكينة، فقرٌ مع مال، وعريٌ مع لباس، وكآبة مع ملاهي، وسقمٌ...

وطن يرقص ألماً .

ناديت بصوت جهور وصحت حتى تقطع الصوت. يا  لتلك المغرورة الغائبة، الفاتنة الساحرة، والأنثى المغرية. أريد فقط حوارها وسؤالها عن فِعْلنا بها حتى تركتنا تحت ظلام الليل تنهشنا السباع و تأكلنا الأسود والضباع. ماذا يا سيدة النساء؟ جسدك الطري لم نقترب منه وجلدك الغضُ لم نلمسه، و نهداك النافران لم نتحسسهما، فقط اكتفينا بالنظر اختلاساً، أما أردافك المتكورة فلنا معها ومع الجُبن قصة.  فنحن ابناء شيخٍ علَّمنا منذ الصغر على حُرمة الإقتراب منك والتغزل، مع الحفاظ على حقوقك وكرامتك وشرفك، ومن غير أن نسأل ماهية الحقوق والكرامة والشرف. أناديك فعساك تسمعي كلامي وتنصتي لأنيني وتتلطفي مع حشرجة...

هل تعلم أين الحقيقة؟

هل هناك أشياء؟ هل هناك حقيقة للأشياء؟ هل ما نراه حقيقة؟ كيف هو الكون من حولنا ؟ من هو صاحب النظرة الصحيحة للكون؟ أنا أم أنت أم الجمل ؟ هل الوردة الصفراء صفراء؟ وإذا كانت صفراء فهل تراها النحلة صفراء أيضا؟ أين الحقيقة هل هي في نظرتنا الملونة الطبيعية أم في نظرة أشعة أكس التي تظهر الأشياء بدون ألوان؟ هل أشعة أكس تظهر لنا الأبيض والأسود أم أننا نحن من نراها هكذا؟ أليس من الممكن أن الطبيعة من حولنا عديمة الألوان ولكن الله جعل على عيوننا ما يشبه العدسات الملونة فتحول المشاهد إلى ألوان جميلة وهي على غير حقيقتها؟ أليس من الممكن أننا كائنات ضئيلة الحجم جدا ولكننا نعيش داخل شجرة بلوط ضخمة؟ هل النار...

رحمك الله تركي .

عندما ترسل سهام المنون لتخطف قلب أحد أحبابنا فهذا والله لأنه الألم والفقد والحرمان، عندما تأتي نسائم الموت وتأخذ معها أرواح من كنا نجالس ونحادث ونضاحك ونمازح، فهي تلفحنا بالألم وتلطمنا بالعذاب وتصيبنا بالوصب.هي الحياة هي الدنيا أبينا أم رضينا. هي ساعات متواردة وصفحات متقلبة فإن أتت بالسعادة و الهنا فستذيقك بعد لحظات من كأس الشقاء والكآبة. ولكن الله الله في الصبر والسلوان والتجلد و الرضوان. برحيلك أيا (تركي)، تنجلي لنا قيمة هذه الحياة الحقة. وقدرها الضئيل. وكيف أن لا نغتر بها ونعتز. فهي عند الله أقل من جناح بعوضة. فها أنت بعظمتك وبهائك قد رحلت تاركا وراءك من ينوح ويبكي، ويدمع قلبه قبل عينه،...

حرية مقتول.

مع هروب أشعة الشمس وتواريها وراء قطع السحاب الأحمر المتناثرة فوق الأفق. يهبط المساء بقوته وجبروته ليقتل أخر شعاعٍ أصفر وهو مثقلا بشوقٍ يتراءى لسكانِ الأرضِ مع تجلي النجوم والكواكب لينزله على صدري ويلوذ بالفرار كساعي بريدٍ أتعبه حمل الرسائل فلن يجد الراحة إلا في إيصالها وإنزالها عن كاهله. ولكنه وضعها على صدرٍ تعبٍ عانى الجوى والشجن فأحب الراحة من و عثاء سفر الأيام وكآبة منظر الزمان. اختلاجاتٌ داخل الصدر وأعاصير هوجاء وبرق ورعد وشتاءً كشتاء كانون، ما تشعر بها إلا وقد عاث بها عفاريتها وجنونها ليحولوها إلى براكين ثائرة و حرارة متقدة تنفجر منها الشرايين و تتهالك معها الأعصاب. كل هذا مصدره...

ملاحاة رجل ( 2 ) .

بعد أن تناولنا للخصومةَ التي تعرض لها ( أردوغان) في وقت سابق. فسنأتي هنا إلى ذكر الرجل الثاني الذي أودُ أن أُلمح له ولو بلمحةٍ وأوجز له بمُوجِزٍ عن أقواله وأعماله ومما رأيت من صفاته الكريمة وأخلاقه النبيلة وكيف قوبلت بالملاحاة والهجاء. هو – كما رأيته – أحمدٌ وراشدٌ  وسعيدٌ وهذا رسمه وصفته واسمه ، ففضل الله واسعٌ يؤتيه من يشاء، فطابق الاسمُ الحالَ والصفةُ وافقت الموصوف. حمل شمعةَ العلمِ بيده، ليسلط ضوءها على أركانٍ مظلمة، وزوايا حالكة. بعد أن كان الكثير منا يسير في دروب العتمة والسواد، ويتخبط ويحتطب كما ساري الليل وحاطبه. جاء وأهدى لنا سراجاً منيراً، وقنديلا مضيئا. ينير الطريق ويضيء...

ملاحاة رجل (1).

برق في ذهني هذا المصطلح وأنا أرى وأسمع الكثير من الملاحاة في المجالسِ ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا طبعيٌّ ومألوفٌ بيننا نحن العرب، فالرجل منا وهو على كرسي الفراغ ووسائد الخلاء والخواء لا يطفئ لوعته إلا النقد واللوم وتكسير مجاديف قوارب الآخرين حتى لا يصلوا إلى ما لم يستطع هو الوصول إليه . سأعرض بين يديكم مثالين لرجلين نالهم الكثير من النقد والملاحاة والخصومة لا لشيء إلا أنهما صدعا بكلمة الحق، وتناديا بكشف الخونة الكذابين من مؤسسات وأشخاص لهم مشاربهم المتعددة وطقوسهم السرية، ومصالحهم التي تشترك أحيانا وتفترق أحيانا. وأنا هنا لست إلا مجرد مسلطٌ للضوء إلى أمر أزعجني وأساءني، فلكل وادٍ...

مجزرة في رابعة

وفي عامِ أربعةٍ وثلاثين وأربعمائة وألف ولسبع ليال ذهبن من شهر شوال وقعت مجزرةٌ عظيمة ومعركةٌ جسيمة، وَصَبُها شيبَ الشباب، ووقعُها قطَّع الأوصالَ والرقاب. في مكانٍ يسمى رابعة العدوية، من أرضِ مِصر الأبية، أرضُ المعالي والنصرُ دِيرة الإخلاص. و المكرمون أحفادُ ابن أبي العاص، معركةٌ ليستْ ضد مشركٍ أو كافر، ولا ملحدٍ أو من الشهادةِ نافر، تلك كانت حرباً ظلوم، من ظالمٍ على مظلوم، لم تَطْوُل كما داحسَ والغبراء، أو  البسوسَ النكراء، بل صبَّحوهم مع بزغت الشمسِ، وقبل أُفولها لم يبقى لهم من همسِ، ويروى أن فيها سالت الدماءُ في الأزقةِ والشوارع، ونالَ القتلُ من كل حاصدٍ وزارع، وكان البدء بالكهلِ...

من لا عقل له يُحدث ذي عقل. ( ابراهيم البليهي في حائل ) *

أُلقي على سمعي أن الكاتب والمفكر بعد صلاة العشاء،  سيكون في اللقاء، ليزيل الحُزن والشقاء. ولسابق علمٍ عندي بأننا نملِك أزمة تعريفٍ للمصطلحات فلا وجود في قواميسنا العقلية لتعريف لكلمات مثل ( مفكر - مثقف - كاتب ) أو لأي من الكلمات العائمة المطاطية التي تستخدم كثيرا في الإظلال والتموية والتحريف والتزييف، فالأمر فيها على سعته، وللكل الحق في أن يدلي بدلوه مع الدلاء، ويُبَسِّط تعريفه بما يوجب الإدلاء.. ومع هذا أحببت أن أحضر اللقاء .  (مفهوم العقل) عنوانه, وفي النادي الأدبي مكانه. استهلَ نابغةُ عصرهِ، وداهيةُ قومِه، حديثَه وكأنه في معركة، وللآخر لا يرجو سماع كلمة ولا رؤية حركة،...