شكراً (رُوكسان) تباً (منيرة) ..

(رُوكسان) شابةٌ جميلةٌ أنيقةٌ فاتنةٌ مثيرةٌ تحمل كل معاني الأنوثة في حضنها الدافئ الصغير ....... لا .. لا .. اعتذر أعزائي ليست كذلك سأبدأ من جديد... (رُوكسان) فتاة مسيحية، ظلت تعمل عقوداً طويلة في خدمتنا كسعوديين، وكانت حنونةً على العجوز، لطيفةً مع الطفل، صديقةً للكل. يتدفق الإخلاص من عينيها، في مشيتها الجد وفي ركضها النشاط، قريبة من المريض، تبكي لألمه، تفرحُ لشفائه، تشاطرهُ معاناته وأنينه، تمسح على رأسه، تحافظ على فراشه الأبيض نضيفاً، تعطيه مَصلَه ودواءه في وقته، تُوقظه لصلاته و سحوره . كل ما فيها ينبيك بتربية الإسلام ولكنها لم تنطق الشهادة. ومع مرور الأيام وجرِ السنين لرداءِ العُمرِ...

منعطف .

(1) على كرسي من السنديان الناعم ، أشرب الشاي المُحلى وأنظر للمارة في أحد شوارع العمر . تتقافز أمامي بعض الكرات العتيقة ، ملونة بألوان السماء وألوان جذور الشجر . وصلت للدرجة الثامنة عشرة من السلم الخشبي الذي (يطقطق) مع كل خطوة أخطوها . كانت من أضخم الدرجات حتى أني أرى فيها حديقة غناء ذات أوراق وأغصان ذات شجون وبيت خشبي التهمته النيران . في أحد أركان الحديقة خبأت ( آلة المزمار ) وفي الناحية الأخرى رسائل الحب في دفترٍ أزرق صغير . أهوى الإمساك بأعنة الدجاج متخيلاً نفسي أرخي خطامها لتحلق بي بأقصى سرعة . قد كنت محظوظاً فلا أحد في عمري يملك الدجاج ولو كان خيالاً. (2) يا لعظمة هذه المباني...

جازنة ..

هوت برأسها على وسادتها المحشوة بالقش، مُحملقةً إلى أخشابٍ مهترئة في سقف غرفتها المظلمة الخالية إلا من سراجٍ ملقى على الأرض يبعث بضوء ضعيف أصفر. بابٌ واحدٌ ونصف نافذة يسمحان لهواء محرقة النفايات المجاورة بالدخول لهذا القبر. كم من ليلة مرت وهي تتمنى أن يأتي شيءٌ خفيٌ يمزق لحمها إرباً ويمتص من دمها ليتركها جثة هامدة بلا أدنى حركة . للتو تخطت شتاءها (الثامن عشر) وقسمات وجهها الأسمر النحيل توحي بأنها عجوزٌ تخطت الخمسين. عاشرت الفقر فأنجبت توأم الهم والغم . مع هذه الحملقة والتأمل. رنت في أذنيها صرخات أمها عند لحظات موت أبيها متأثرا بمرض ( حمى الوادي المتصدع ) الذي أهلك الحرث والنسل في...

خطبة جاميِّ .

الحمد لله منزل السعود، خالق (النعيمي) موجود (النجود)، والشكر له صاحب الفضل والجود ، ماحقُ الظالم مُهلك الحسود : أما بعد فيا أيها الناس: فالدنيا قد أدبرت، والآخرة قد أقبلت، فالسباق السباق وأنتم في ساعات رخاء وعلى موائد هناء. فمن أخلص لسلطانه وحاكِم بلادِه فقد طاب عملُه ولم يضره أملُه ، ومن أسلمَ خِطامَه لغير ملِكه فباطلٌ ما صنع، وسحقاً لما فعل. ألا فاعملوا لحُكامكم في الرغبة والرهبة ، وفي الفرحة و الترحة ، فلولاهم ما وُجِدتم و برحمتهم ما كُنتم. مالي أراكم ترومون ولا تُطيعون، وتطلبون ولا تركعون، وترتجون ولا تنقادون. وكأنكم تجهلون أن السلطان قد أٌوتي الحكمة وفصلَ الخطاب . ألا...

لوحة الرحمة .

زرقاء جميلة وضاءة، وريشة فنان أكثر إبداعاً. تُصبغ اللوحة بالأبيض. كيفما شاء يرسمُ الشكل ويمحوه. تأتي بيضاء من اليمين. لتتزاحم مع بيضاء من اليسار. تتصارعان مع تلاحم, كإبل ترد المورد. ثم يرسم الشكل ويمحوه. تأتي ثالثة. تهتز وتتراقص. تداعب قرص الشمس. تحجب قرص الشمس. تُرسمُ جبالٌ وأشجار وحيوانات وأسماء. أره مخيلتك وارفق بها. أطلقها على جناح يمامة يأتيك الإبداعُ ذاعناً. تسمع سياط السوًّاقِ تومضُ اللوحة . يهتزُ قلبُ مزارع مسكين . نَشَلَ كفيه من الحرثِ. يرفعهما بالتراب راجيا أن تكتمل المسرحية وينزل الغيث. ...

فتاة الحي .

   فتاة الحي، فتاة قمراءُ، هِبةُ الجليلِ، عطيةُ الرحمنِ، روضةٌ غناءٌ، التَحَّ عُشبُها و اغتم ، لعوبٌ حَسَنةُ الدَّلِّ، حوتِ الأنوثة من حوافها، وحازت الجمالَ كُله دِقَّه و جِلَّه. نزلت من السماء، فتلقفتها الأرض، عاشرتِ العظماء والجبابرةَ الأقوياء. مؤدبة ملوكٍ وخلفاء، مُعلمة شيوخٍ أجلاء. أُريق تحت قدميها دماءٌ و دماء. تواضع لها الفارسي فرفعتهُ، وعشقها الكِناني فزادته إجلالاً وألبسته وقاراً. وهناك على الطرفِ النقيض وفي الضفة المقابلة: مقتها هولاكو فأزال الكتب والمكتبات، وأبغضها المسيحي الصليبي فأحرق غِرناطة وأقام محاكم التفتيشِ تنكيلا بها، حنق عليها أتاتورك اليهودي الظالم فاغتصبها...

مُعلمْ، لا مُعلمْ .

في صباح يوم من أيام ( تشرين الثاني) ، والسحاب في معاركه الضارية ضد أشعة الشمس الذهبية. خرج من قصره مرتدياً نظارته ومعطفه الأسود الطويل.. أهلا بك أستاذ ( رشيد ) قالها سائقه الخاص وهو يفتح له الباب الخلفي للسيارة . في المقعد الخلفي أسند ظهره، وتناول جريدة اليوم، وشرع في تصفحها، بينما السيارة تنطلق مسرعةً عبر طريق خاص بمعلمي مدارس التعليم العام. هذا الطريق الذي يوصلُ لفناء المدرسة الواسع. كان خاليا من السيارات، بعد أن أصدرت وزارة التعليم تعليماتها الجديدة بمنع المعلمين من قيادة سيارتهم الخاصة عند قدومهم للعمل، حفاظاً على سلامتهم وهدوء أعصابهم، فلا يكدر صفو تفكيرهم شيء. وقد وفرت هذه الوزارة...

حاول مرة أخرى .

بين أودية النومِ السحيقة وقمم جبال النشاط الشاهقة تجدُ أماكن وعرة، تحوي الصخورَ القاسية والأشواكَ الحادة والسباعَ الضارية والأفاعي السامة. تكون لك كالسدِ المنيعِ، فلا قمةً ارتقيت ولا وادياً سلكت. يسميها البعض ( الأرق ) وعند أهل البيان واللسان يقال لها ( منطقة القلق) . تسقط أجفان عينيك فيقف شعر رأسك، يهدأ نبض قلبك فتشرع حينها خلايا عقلك بتوهم الأوهام وتخيل الأحلام. تريد شراء النوم فإذا بالسعر غالي جداً في زمن تدهور الاقتصاد العالمي، تتمنى الغفوة و تسوق لها الجاه لخطبتها فيصيبها الكبرُ والغطرسة، تطلب ودَ الغمضةِ فتولي منك هاربةً وكأنك قاطع طريق، تذهب لمحادثة نومةٍ صغيرة فتُعرضُ عنك...

أخبث الشياطين

أمطرت سماوات حائل ، وجادت السماء بما لم تجد به من قبل، وما ذاك إلا بفضل الله ومنته وعدله وكرمه، ولكن يأبى الإنسان إلا وأن يكون كفوراً جحوداً ، وخاصةً إذا كان مسئولاً ، فلا شيء يملأ فمه البغيض الذي تفوح منه رائحة الفساد والخماج. عزيزي ، عذرا لست بعزيزي ، أيها الشيطان العنيد وحفيد إبليس اللعين، تأتيك المليارات لتنشئ الطرق وتبني الجسور وتمهد مصارف المياه والسيول وتأبى إلا أن تأكلها ..(أكلك الجن والعفاريت ) أيها الشيطان: افترشْ سفرتَك الباذخة واحتسْ قهوتًك اللذيذة من أموال المساكين وحقوقهم، نعم أيها الشيطان المسؤول: عليك بتكبير خدود أبنائكم و تنفيخ أردافهم من ميزانيات الطرق والمشاريع،...