أرانب حمدامان مالجامي

عندما أراد أهالي (مالجامي) الاستئناس والحلول وأحياء تلك البلاد المقفرة حيث أنهم أول من سكن بها وأول من وطئها من بني البشر، لم يكن بها من الثدييات إلا حيوان الكانغر، ولما كانوا قوما يعشقون الصيد وبطونهم لا تأكل إلا من لحم صيدهم وسهامهم لا تكاد تخطيء الفريسة فإنهم تذكروا ما كانت تجلب لهم الأرانب من سعادة وهناء وفرصة في ممارسة ما يحبون من لهوٍ وصيدٍ في بلادهم القديمة، فاستورد لهم (حمدامان) وهو أحد كبرائهم وتجارهم أحد عشر زوجا من الأرانب وأطلقها لتتكاثر في الطبيعة فتكون لها (مالجامي) موطنا طبيعيا مكان موطنها السابق، جلبها وابتنى له أيضا مزرعة يكِلُّ فيها الجواد، ويتوهُ فيها السيل، حفرَ آبارها...

حلاوةُ المُحادثة.

جالستُهم على كُثبانٍ عُفْرٍ في ليالٍ قُمْرٍ، على رملةٍ احتضنتني بين جناجِنِ صدرها، يرمي الطرفُ لحظَهُ حتى يكلَّ على مشارفِ حدِّ الأُفق. لا هِمةَ لهُ للعودِ حسيرا فيركعُ تحت قرص الشمسِ يبتغي الإمهال، فلا يُبالي شموخُها بتذللـهِ. تنسَّلُّ كفي تُلامسُ لَببَ الرملِ لتحثوا منه وترفعه فيتساقط في الحِجرِ ذرة إثر ذرة إثر ذرة. لا يهبُّ عليه غيرُ الصمتِ، وهل يُنادغُ الروحَ غيرُ الصمتِ. تغيبُ الشموخُ وينهزمُ النور تحت جحافلِ كتائبِ الليل. عند الغسقِ، مع غبشِ المكان، تتهايل زخاتُ الشوقِ جميعُها، فتغشانا والنفسُ مُرددة: لعل خيالاً منكِ يلقى خياليا. هذه اللحظةُ الفاصلةُ بين صحوة الحياة ونشوتها، هي الحد...

الرهاب الثقافي

شنَّف الدكتور: سعيد الكملي سمعي وهو يقول: سألتني إحدى الأخوات عن الكتب التي أنصح بعدم قراءتها والتي تتضمن المخالفات والمنكرات؟ فقلت لها: أنتم هؤلاء الجيل اقرؤوا ما شئتم، لأنكم لا تفهمون ما تقرؤون فلا خوف عليكم.  وعلى ما في هذا التعليق الطريف من صدق على ما فيه من قسوة، فهل نحن فعلا لا نفهم ما نقرأ؟ ليس على اطلاقه ولكننا لا محالة مصابون بعاهات أكثر خطورة من الغباء! ربما هو "الانقياد"، "التأجير"، "الخنوع"، لا أدري كُنهها حقيقةً ولكنها عاهات لا تخرج عن هذه الدائرة. نقرأ لكبار الأدب الحديث فنجد تعظيما لشخصيات سبقوا، وتهويلا لرواةٍ فنيوا، وتجسيدا لنقادٍ مُبالغا فيه. فلم...

وهمُ الجاهلين

يُقال أن نقشا على جوازِ السفر الأمريكي يقول " حامل هذا الجواز سنحرك من أجله أسطولا"، لا أعلم عن صدق هذا فجُل رفاقي عروبي المولد والمنشأ، فعلى فرض صحته، فأنا أكيد من أنه شعارٌ براق انتقائي يعملُ في تجييش النفس أكثر من وقعه في الواقع، مثله كمثل الديموقراطية المشوهة أو السماحة الانتقائية أو التلطُّف الخبيث. حادثٌ من حوادث التاريخ كفيلٌ بكشفِ السترِ الحاجزةِ عن ذاك الوجه البائس والقناع المستهلك، وشقاوةٌ طفل مدلل تُجلي عما يختبئ تحت المنضدة. تعالوا معي لنرى هل سيكون خلف أروقة البيت الأبيض للدم الأمريكي من ثمنٍ فعلا ؟ وهل هناك ديموقراطية حقة في بلاد الهنود الحمر؟  في عام ١٩٦٧ وفي...