ملاحاة رجل ( 2 ) .





بعد أن تناولنا للخصومةَ التي تعرض لها ( أردوغان) في وقت سابق. فسنأتي هنا إلى ذكر الرجل الثاني الذي أودُ أن أُلمح له ولو بلمحةٍ وأوجز له بمُوجِزٍ عن أقواله وأعماله ومما رأيت من صفاته الكريمة وأخلاقه النبيلة وكيف قوبلت بالملاحاة والهجاء.
هو – كما رأيته – أحمدٌ وراشدٌ  وسعيدٌ وهذا رسمه وصفته واسمه ، ففضل الله واسعٌ يؤتيه من يشاء، فطابق الاسمُ الحالَ والصفةُ وافقت الموصوف.
حمل شمعةَ العلمِ بيده، ليسلط ضوءها على أركانٍ مظلمة، وزوايا حالكة. بعد أن كان الكثير منا يسير في دروب العتمة والسواد، ويتخبط ويحتطب كما ساري الليل وحاطبه. جاء وأهدى لنا سراجاً منيراً، وقنديلا مضيئا. ينير الطريق ويضيء الوجهة ليميز الصالح من الطالح والطيب من الخبيث. والفصل بين صادقٍ وأمينٍ ومُخلِصٍ وبين كاذب وخائنٍ ومحتال. في زمنٍ هو زمنُ المتاهاتِ وعصر الظلماتِ والأزمات.
تجده حينا مفكرا عميقاً، وتارة أديباً باهرا، حريريٌ في مقامَة و معريٌ في قصيدة. ومن هنا انفجرت براكين الحقد والحسد وسالت من فوهات خصومه حمم الحنق والغضب. اختار طريقاً يكشف فيه الحركة المتصهينة في مجتمعنا متمثلةً في قنوات ومؤسسات إعلامية كقناة العربية وصحفية الشرق الأوسط والجزيرة والرياض.
لم يحارب شخصا لذاته، ولم يقاتل أحداً لمصلحة في نفسه، بل سعى للسلم والسلام، والصلح والمهادنة. هو فقط سلط الضوء، وأخضع الأمر للدراسة. فأذعنت له الحقيقة، فكشف المؤامرات، وأظهر الخيانات، وأبان الصداقة من العداوات. أزال الغُمة، ومحا الظُلمة، فأسفر الفجرُ، وتفتحَ الزهرُ.
لم يذكر شيئا لم يذكروه في وسائلهم الإعلامية، فقط هو محَّص وتعمق وتَبَحَّر. ومما أورده حربُ هذه المؤسسات والقنوات على الحركات الإسلامية وكيف يستهزء أصحابها بالدين والإسلام والقران. وأيضا كيف ذهب بعض إخواننا لِلعقِ أقدام اليهود والصهاينة وكيف قدموا ما يستطيعون لإرضائهم ونيل ودهم وطلب عطفهم. ليس لسبب مقنع، ولكن هو طبع من يتَّبِعُ من يعطيه قطعةَ اللحمِ الأكبر.
قمتُ بزيارة لموقع وزارة الخارجية الإسرائيلية فوجدت ماذكر الدكتور أحمد بن راشد صحيحا وحقيقة. وكيف أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تُعيدُ نشرَ مقالات من يُطلقون على أنفسهم ( مثقفون) والذي تتواءم أفكارهم وكتاباتهم مع سياسةِ وخبثِ ودناءة اسرائيل. خذ مثلا لا حصرا: ( أمل الهزاني) و ( نبيل الحيدري) و ( محمد ال الشيخ ) و( عبد اللطيف الملحم) و ( عادل الطريفي) و الكثير الكثير. ولكن خذ مني النصيحة فقبل أن تقرأ لهم عليك بتناول دواء ( البروميسازين) الذي يمنع التقيء والغثيان لأنك ستجد رائحة الخيانة وسم الغدرِ ونتانة الأخلاق.
ابن سعيد لم يكذب على أحدٍ ولم يفترِ، فهمْ من يتمنى ويحلم بدولة اسرائيل الكبرى وموت كل ما هو فلسطيني وعربي.
ابن سعيد عرَّى قناة العربية ونزع عنها جلبابها وبيَّن كذبها ودجلِها وكيف تصنعُ الكِذْبة مثل جبل أحد ثم تُرسل خرافها للتحليل والتزيين و الإقناع بأن هذا هو الحق المُمَحص من الخداع والغَرَر.
ستجد عزيزي القارئ أن من حاربوا الدكتور ابن سعيد على ثلاثة أضرُب:
الأول: رُؤساءُ الإعلام و العاملون المباشرون في قناة العربية سيدة التصهين وقِبلة الفاسدين من مذيعين ومذيعات وممن لا يختلف عندهم لقمة العيش أحلالٌ كانت هي أم حرام.
الثاني : من لا يعمل في القناة بشكل مباشر وهم على صنفين إما أنهم قد استضيفوا سابقا في برامجِ القناة ويريدون المحافظة على هذا البريق واللمعان المزيف. أو أنهم يسعون ويحلمون بالجلوس أمام كاميرات العربية.
الثالث: وهم (القُطعانُ) كما أصفهم وهم الأغلب وممن رأى عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه وهم ملوك الحُمْق. فالبَلَهُ وضَعهم تيجاناً على رأسه والغباء يأخذ منهم وصفه. المنقادون وراء تماثيلهم والساجدون الراكعون لأصنامهم فإن يمن الصنم يمنوا وإن شمَّل شملوا. لا يفقه إلا ما لُقِن ولا يصدِّق إلا ما أُخبِر. عطلوا العقول وعاشوا دون المأمول. فالأفئدة خاوية، والقلوب كالأكوازِ مجخية، لا تعرف معروفا ولا تنكر منكراً. وبالعامية نَصِفُهم بـ ( يدربي راسه (
هذا ما فعله أحمدٌ بن سعيد, فلماذا تنادوا في النوادي ( أن اقبلوا معاشر القطعان ) ولماذا اصطفوا كلهم في صفٍ واحدٍ ضده إن لم يكن على حق؟ وإن لم يكن أصابهم في مقتل؟




ملاحاة رجل (1).





برق في ذهني هذا المصطلح وأنا أرى وأسمع الكثير من الملاحاة في المجالسِ ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا طبعيٌّ ومألوفٌ بيننا نحن العرب، فالرجل منا وهو على كرسي الفراغ ووسائد الخلاء والخواء لا يطفئ لوعته إلا النقد واللوم وتكسير مجاديف قوارب الآخرين حتى لا يصلوا إلى ما لم يستطع هو الوصول إليه .

سأعرض بين يديكم مثالين لرجلين نالهم الكثير من النقد والملاحاة والخصومة لا لشيء إلا أنهما صدعا بكلمة الحق، وتناديا بكشف الخونة الكذابين من مؤسسات وأشخاص لهم مشاربهم المتعددة وطقوسهم السرية، ومصالحهم التي تشترك أحيانا وتفترق أحيانا. وأنا هنا لست إلا مجرد مسلطٌ للضوء إلى أمر أزعجني وأساءني، فلكل وادٍ في العين منظر، ولكل بقعةٍ في النفس أثر.

الرجل الأول هو الرئيس التركي ( أردوغان)، الذي صرح مرارا بتوجهاته الشخصية التي لا تتنافى مع مصلحة دولته تركيا ومصلحة شعبه الذي اختاره وانتخبه، والتي أيضا لا يجب أن تتقاطع مع مصالح المسلمين فنحن في فرقة عن بعض وعزلة عن مصالح بعض. ورجل في قامته يملك الحرية التامة في قول ما يريد وعمل ما يريد وهو أعلم بهذا ولا يضره نباح من نبح أو صياح من صاح. وفي تصريحاته الأخيرة على ما يدور في دولة مصر وما حصل فيها من قتل للأبرياء وسفك للدماء قد أثار غضب البعض وهم قلة قليلة عددا، ولكنهم وللحق كثيرون عملا. فقد أصابهم الذعر من تصريحاته وصار حالهم كحالهم يوم القيامة، أو كأنهم في معركة شديدة، فالقنابل تتوالى، والقذائف تتعاقب كالمطر إذ انهمر، عندها تكاتفت القلة القليلة وقاموا بملاحاة الرجل وسبه وشتمه وإلحاق الأذى اللفظي، وقاموا بهجومهم السخيف وعيروه بأجداده العظماء، وهذه حيلة العاجز وبضاعة المفلس. وقد قالها الشاعر :

إذا لم يكن للمرء عينُ بصيرةٍ…. فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفرُ.

ومن هم أجداده يا ترى ؟

هم خلفاء المسلمين ، هم من حكموا الدنيا بأسرها من مشرق الصين إلى مغرب الدنيا. هم من ركعت لهم جبابرة العالم ، وأباطرة أوروبا وملوكها. هم من كان البحر الأحمر بعظمته واتساعه بحيرةً مغلقةً في دولتهم. هم من حق الحق ورفع راية التوحيد والعزة والخلافة. بمثل هؤلاء يُعير ( أردوغان) .

أنى يرى الشمس خفاشٌ يلاحظها …. والشمس تُبهر أبصار الخفافيش.

عيروه بالخلافة وليس بعجب. فهم مصابون بداء انتكاس المفاهيم وقلب المصطلحات. فالخلافة أمرها عظيم وشأنها جسيم على أحلام العصافير. وهي في كأسٍ أكبرُ من أن يُساغَ بجرعة واحدة. تلك الخلافة التي فتحت القسطنطينية التي بشر رسول العالمين فاتحها . والتي كانت عاصمة الرومان ومقرهم وعقر دار الأرثوذكسية الشرقية التي يتباكى عليها اليوم ( صعاليك القوم ) والذين ساءهم دخول الإسلام إليها وانتشار العدل في أرجائها ويتمنون أن لو كانوا موجودين حين فتحها حتى يجهزوا على الفاتح أو يغدروا به فداءً لدولة الصليب وفداءً لملوكها وقساوستها.

عيروه بـ ( سليم الأول) قاهر الصفوية ومُذل المجوسية الأنجاس أعداء االله والدين صاحب الرسالة لتي قال فيها مخاطباً اسماعيل الصوفي : ( إن كنت رجلاً فلاقني في الميدان ولن نمل انتظارك ). عيره ب (عثمان الأول) و ( سليمان القانوني) و ( عبد الحميد الثاني) قاهر اليهود حافظ الأمانات والعهود.

يقول كبيرهم ( محمد ال الشيخ ) : تجد الدم والقتل أين ما حلوا الترك . نعم عزيزي تجد الدم والقتل وكذلك تجد التسامح واللين بابا مفتوحا على مصراعيه. ولك أن تقرأ ما كتبه ( توماس أرنولد) وكيف كان يدخل المسيحيون طوعاً إلى الإسلام ، وكيف لجأ يهود أسبانيا إلى سماحة وعدل الترك. وأن (مقاريوس ) بطريرك كنيسة أنطاكيا كان يقول :( أدام الله بقاء دولة الترك خالدةً إلى الأبد) مما رأى من عدل الإسلام وسماحة أهله.

وليت (آل الشيخ ) وأطفاله ينسبون الدم والقتل لمحاكم التفتيش التي كانت تقام ضد أخوته في الدين في الأندلس ولكنها صعلكة العلم والتبجح والكبر وبيع الحرف لصاحب الشيك الأكبر.

( أردوغان) يا عزيزي لا يبحث عن ( خلافة ) فهي أكبر وأشمل . ولكن كن أكيداً أن لمزك إياه بتلك الكلمات ما هي إلى عز له وفخرا بأمجاده وأجداده ولكنها الغضبة النجدية على محمد علي باشا التي لم تُنسَ مع الأيام ، وكذلك الخوف من الحكم ( الإسلامي) للمنطقة والذي قد يقفل مراقصكم ودور السكر والعربدة .

أما  الرجل الآخر الذي أريد التطرق له فسأتركه للقاء القادم خوف الإطالة.

رابط المقال في الصحيفة. http://t.co/hreoFRo2je