نظرات من كتاب ( المملكة ).. الجزء الثاني .






نود أن أشير هنا وقبل أن نكمل ما سرده لنا ( روبرت ليسي) كيف تمت تصفية وإنهاء قوة ( الإخوان) المرعبة. فبعد السيطرة على الحجاز تجاهل (ابن سعود) (الإخوان) وخاصة بعد أن أصبحت أعمالهم لا تروق له، فبعد تقطيعهم لخطوط الهاتف في جدة عام (1925) على أنها من الأعمال المحرمة والمنكرة في الإسلام لاعتمادها على أعمال السحر والشعوذة، كذلك نظرتهم لقائدهم (ابن سعود) عندما غادر الرياض عام (1924) متوجها للحجاز على ظهر جمل وعاد إليها وهو يجلس في المقعد الأمامي لسيارة لم يروها قبل ذلك، فاعتبر (الإخوان) ذلك نذير سوء. فقام على إثر ذلك قائد الإخوان (فيصل الدويش) وخاطب (ابن سعود) في مناسبة عيد الفطر وقال: (الآن وقد تم ضم الديار المقدسة، على المسلمين الصالحين أن يحترسوا من التأثيرات الأجنبية المضللة. ويجب عليهم كذلك أن يراقبوا أي انحراف عن الإسلام الصحيح وأن يعاقبوا عليه، ليس فقط في حالة كحالة الشريف حسين، بل كل من سار على خطاه وارتكب المنكرات التي ارتكبها الشريف) وبعد هذا كله اعتبر (ابن سعود) غطرسة (الإخوان) مهينة وخطيرة.
ثم جاءت بعد ذلك الطامة الكبرى،والعار الكبير الذي لحق سمعة (ابن سعود) عندما قام (الإخوان ) بمنع الحجاج المصريين والمحمل وهو كسوة الكعبة المشرفة والتي اعتاد المصريون أن ينسجوها سنويا، من الدخول لمكة وأداء مناسك الحج لأنهم شموا رائحة عبادة الأوثان عندما رأوا المحمل المزركش محمولا على الأكتاف. وجرح منظر حرسه المسلح كبرياءهم وعندما دوت (الموسيقى) (نفخت الأبواق) أثناء تجمع المصريين لمناسك الحج،و اعتبر الإخوان ذلك بمثابة انتهاك لآخر المحرمات.
مع مرور الأيام زادت إحراجات الإخوان لـ (ابن سعود) أمام الإنجليز وخاصة على الحدود الشمالية مع العراق والأردن، فهؤلاء البدو مؤمنون بالجهاد ولم يعترفوا بالحدود الدولية وكانوا على استعداد للتخلص من سلطة (ابن سعود) فورا إن هو رفض قيادة جهادهم ضد مخافر الكفار. حاول عبد العزيز أن يشرح مأزقه إلى بعثة بريطانية جاءت إلى جدة في مايو (1928) لبحث مشكلة الحدود معه.ولكن لم تكن هذه المرة الأولى التي يلتقي بها ممثلو بريطانيا بعبد العزيز سعيا لإيجاد حل للمتاعب على الحدود الشمالية.

زاد تمرد (الإخوان) حتى أصبح يطلق عليه (تمرد البدو). فاستغل (ابن سعود) ثروته ونفوذه للتأثير في القبائل فمنح كل شيخ قبيلة ستة جنيهات من الذهب لقاء كل متطوع من قبيلته ومنح كل متطوع مبلغ ثلاثة جنيهات ذهبية ومع هذا الدعم تجمع جيش (ابن سعود) لمقابلة (الإخوان) في سهول (سبلة) عام (1929) بقيادة الإخواني : فيصل الدويش. ولم تدم المعركة أكثر من نصف ساعة فقد حصدت الرشاشات البريطانية بدو (الإخوان) في لمح البصر.

ننتقل هنا إلى الفصل الرابع من الكتاب والذي عنوانه (البترول) فبعد أن تطرق المؤلف لسفر فيصل بن عبد العزيز إلى أوروبا للمرة الأولى عام (1919) ضمن زيارات حلفاء بريطانيا وفيه تعهد عبد العزيز الأب لبريطانيا على لسان فيصل بأنه لن يشن حربا ً على الحجاز الذي ما زال يحكمه (الشريف) الموالي للإنجليز، لمدة ثلاث سنوات قادمة على الأقل. مع أن فيصل وقتها كان عمره (14 سنة) لذا كان لزاماً عليه أن يخضع لدورة تدريبية في الباخرة البريطانية المتوجهة إلى لندن للتدرب على الموائد الغربية وكيفية استخدام الشوكة والسكين.

وعرج أيضا على اجتماع الأربعين (حرامي) كما أطلق عليهم تشرشل- رئيس وزراء بريطانيا آنذاك- 
وقد عُقد في القاهرة عام (1921) لمناقشة الخلاف بين الزبونين العربيين و اللذين كانا يطالبان بالإعانات البريطانية لتمويل معاركهما ضد بعضهما البعض،وايضا لتجزئة الجزيرة العربية والشام والعراق وكانت النتيجة أن تكون سوريا ولبنان لفرنسا أما فلسطين فللانتداب البريطاني والعراق يبقى لفيصل بن الحسين تحت رعاية بريطانيا وشرق الأردن تحت حكم عبدالله بن الحسين أما الحجاز فللشريف الحسين أما عبد العزيز (ابن سعود) فتُرك وشأنه في نجد على أن تُرفع له الإعانة كنوع من التعزية. وكأن هذا الاجتماع ما هو إلا تنفيذ لإتفاقية (سايكس – بيكو).

يأتي هنا المؤلف لقصة الذهب الأسود (البترول) وكيف أن الصدفة والحظ لعبتا دورهما ضد الإنجليز والذي لم يُكتشف بكميات تجارية إلا في عام (
1938) من قبل الأمريكان بعد أن نقب عنه رجل الأعمال والمنقب النيوزلندي ( الرائد فرانك هولمز ) عام (1922) بعد أن  دخل في صراع مع البريطانيين من أجل الفوز بامتياز التنقيب في الجزيرة العربية، فقد إلتقى (هولمز) بـ (أمين الريحاني) وسلمه رسالة لإبن سعود يطلب فيها منه منحه امتيازات التنقيب عن النفط في الأراضي الذي تحت حكمه، على أن يدفع إيجارا سنويا من الذهب. ولكن (السير بيرسي كوكس) لم يرق له هذا النيوزلندي فأخبره عن صعوبة منحه هذا الإمتياز متعذرا بأن الحكومة البريطانية لا تستطيع حماية شركته وسط هذه الصحراء القاحلة. ولكن (كوكس) كان كاذبا في ادعائه هذا، فقد أبرق للسير (أرنولد ويلسون) ممثل شركة البترول الإنجلو – فارسية المملوكة للحكومة البريطانية فقام (أرنولد ويلسون) عقب تلك البرقية بالكتابة إلى (ابن سعود) لعقد صفقه معه حول البترول.
عاد (كوكس) وفعل ما في وسعه للحيلولة دون حصول النيوزلندي (هولمز) على امتياز التنقيب عن النفط، ولكن أمين الريحاني كان يرجئ الموضوع كثيرا ويريد أن يكسب المزيد من الطرفين ولكن (كوكس) تجرأ وكتب بقلم رصاص مسودة الرسالة التي على (ابن سعود) أن يكتبها لـ (هولمز) وذيلها بـ (هل باستطاعة السلطان أن يتكرم بإرسال رسالة بالمعنى الوارد أعلاه إلى الرائد هولمز وأن يرسل لي نسخة منها؟(.
يقول أمين الريحاني في مذكراته أن (ابن سعود) غضب غضبا شديداً من هذا التصرف ورفضها فعلا لثلاث مرات ولكن في آخر الأمر حصل المندوب السامي البريطاني ( كوكس ) على مراده، وأصيب أمين الريحاني بخيبة أمل وكتب بمرارة يقول: إن عبد العزيز يقول إنه لا يخشى إلا الله، ((لكني أخشى أنه يخاف أيضا أن يفقد مرتبه السنوي )).
غادر (هولمز) جارا أذيال الهزيمة وغادر بغداد وكان في وداعه بالصدفة أمين الريحاني، ولكن وبقدرة قادر ولبعض الأمور السياسية التي لم أتبينها أنا (كاتب هذه الأسطر) تسلم أمين الريحاني وبعد تسعة أشهر من مغادرة (هولمز) وبالتحديد في أغسطس (1923) رسالة من (ابن سعود) يقول فيها ( لقد منح إمتياز البترول في اراضيه للرائد (هولمز) ومجموعته ((إيسترن أند جنرال سنديكت)). وهكذا أحبطت مساعي كل من شركة البترول الأنجلو ـ فارسية والحكومة البريطانية.
ولكن كل هذه المعارك وهذه المحاولات باءت بالفشل فقد قررت مجموعة (إيسترن أند جنرال سنديكت) أن لا فائدة اقتصادية من التنقيب عن النفط القليل جدا والموجود في الجزيرة العربية. وأنهت عقدها عام (1927). فغضت بريطانيا بصرها عن نفط السعودية تماماً.

وفي 25 فبراير (1931) وصل جدة الأمريكي ( تشارلزر كرين) وكان أول أمريكي يجتمع به (ابن سعود) وكان في جعبته عرض بالقيام بمسح جيولوجي مجانيٍ لأراضي الجزيرة. الأمر الذي جعل (ابن سعود) يرحب به بأداء العرضة النجدية أمامه هو وأبناؤه. وكان حصيلة هذا التعهد هو تدفق النفط من البئر رقم (سبعة) عام (1938) وبكميات لم يحلم بها العالم كله.

نكمل بإذن الله في حلقة قادمة ماحصل بين (ابن سعود) و (روزفلت) في البحيرات المرة، وقيام دولة اسرائيل وقصة قتل نائب القنصل البريطاني ( سيريل أوسمان) في مدينة جدة . واغتيال الملك فيصل. 



نظرات من كتاب ( المملكة ) .. الجزء الأول .





في الغالب تكون الممنوعات مرغوبات حسب العرف البشري، واليوم ستجد هنا كتابا قد يبدوا قديما بعض الشيء (نُشر عام 1981) وهو من الكتب التي مُنع تداول نسختها العربية بداخل المملكة، ويحمل العنوان (المملكة) للكاتب (روبرت ليسي) وهو صحفي بريطاني زار المملكة عام (1977) وألف كتابه هذا الذي نحن بصدد قراءة ملخص له بإذن الله.
في مقدمة الطبعة العربية نقرأ تفسيرا للمترجم (دهام العطاونة) للسبب الذي جعل النسخة العربية تصدر متأخرة وأنَّ وزارة الإعلام السعودي كانت قد طلبت حذف بعض الصفحات والفقرات بعد أن أرسل لها المؤلف مسودة الكتاب وهذا بالطبع لم يرق للمؤلف الذي قضى أربع سنوات في البحث وجمع المعلومات.

الكتاب يتكون من خمسة أجزاء ( 352 صفحة ) بالإضافة إلى جزأي الملاحق والمصادر وقد بدأ الكاتب في البداية بوصف الصحراء والبدوي وكيف كان الصراع بينهما من أجل البقاء ووصف المنفى أيضا الذي عاشه (ابن سعود) بعد خروجه من الرياض عام (1891) على يد قوات ابن رشيد. وتجد أنه من الواضح إعجاب المؤلف بشخصية البدوي وعاداته التي تعتمد على ا لاحترام والتقدير والكرم والنبل والشهامة ومن خلال ذلك أعجب أيضا بشخصية (ابن سعود) وبطريقة تفكيره وعيشه وبُعد نظره. واصفا طريقة انطلاقته من الكويت وحتى دخوله قصر الرياض وعمره (26سنة). ولم يخفي المؤلف هنا كم من الأساطير ذُكرت عن تلك المعركة وكيف أن (جون فيلبي) سمعها عشرات المرات من فم (ابن سعود) وفي كل مرة كان الوصف يختلف عن الوصف السابق، لذا لا أحد يعلم ماذا حصل بالفعل في تلك الليلة.
في الفصل الثاني عاد بنا المؤلف إلى عام (1745) وبداية ظهور اسم الدرعية على الساحة المحلية والتضامن بين حاكمها (محمد بن سعود) والشيخ (محمد بن عبد الوهاب) رحمه الله ونشوء الدولة السعودية الأولى وكيف تم القضاء عليها مع حملت محمد علي باشا التركية عام (1816) وسقوط دولتهم التي ضمت أجزاء من دولة الإمارات الحالية وقطر وأجزاء من عمان بالإضافة إلى حدود المملكة الحالية.
في هذا الجزء نجد الكثير من المعلومات والتي نقرأها لأول مرة وذلك لتعمد إخفائها ولو عن أعين العامة من أجل بعض السياسات والنظرات المستقبلية العقيمة. وعندما نكمل قراءتنا في هذا الجزء نجدُ كيف أن (ابن سعود) في عام (1905) كان يحمل لقبا عثمانيا وهو (قائم مقام) وهذا يدل أنه كان تحت لواء الدولة العثمانية وأن العثمانيين اعترفوا به وبسلطته النجدية ولكنه التف عليهم وأخذهم على حين غرة في معركة روضة مهنا عام (1906) وقَتل عبد العزيز بن رشيد حاكم حائل الملقب بـ (الجنازة) والموالي للعثمانيين أيضاً.
في عام (1910) التقطت أول صورة لابن سعود في الكويت على يد المصور الكابتن (ويليام شكسبير) الوكيل السياسي البريطاني في الكويت والذي اجتمع به ثانية عام (1913) في المجمعة وفي هذا اللقاء صُعق الكابتن شكسبير -كما ذكر ذلك في رسائله- من جرأة ابن سعود عندما بادره بقوله (إن نجْد يجب أن تتخلص من الهيمنة العثمانية في الأحساء) إذ أن الإنجليز وإلى هذا الوقت يعترفون بالسلطة العثمانية على وسط الجزيرة.
إلى هذا الوقت لم يمنح الإنجليز كامل الرعاية والاهتمام الذي يطمح لها (ابن سعود) فقد طلب من بريطانيا إقامة علاقات رسمية معه في يونيو (1913 ) بعد ضمه للأحساء. ولكن تجاهلهم جعله يكتب لهم ويقول ((إن لم يتغير هذا الوضع وإن لم تكن بريطانيا العظمى راغبة في الحفاظ على صداقتها السابقة، وهو الأمر الذي ينشده، فإنه يطلب أن يُبَلَّغ بهذا صراحة كي يقوم برعاية مصالحه.  ثم عاد مسرعا للأتراك العثمانيين ومنحهم ولاءه التام مرة أخرى عام ( 1914 ) ولقبوه (والي وقائد نجد) وتعهد لهم بما نصه (أن لا يمنح الامتيازات للأجانب) والأجانب هنا هم الإنجليز طبعاً.

مع مرور الأيام وتحت سماء صحراء نجد المتلألئة نشأت علاقةَ ودٍ وصداقة عميقة بين (ابن سعود) و (شكسبير) ولكن الأيام لعبت بدورها لتبعد هذا الثنائي المتفاهم عن بعضهما البعض فقد بدا واضحا حزن ابن سعود على صديقه والذي قُتل في معركة (جراب) عام (1915) ضد قوات سعود الرشيد، فأرسل رسالة اعتذار وتعزية للحكومة البريطانية وذكر فيها (أنه نصح شكسبير بأن لا يخرج معهم للقتال ولكنه أصر على الخروج لإصدار الأوامر لرجال المدفعية السعودية غير المدربين على رأس التلة موجها لنيرانهم لضرب العدو).
قُتل شكسبير في نجد وهبط ( لورنس ) الضابط الإنجليزي في مدينة جدة لمساعدة الشريف حسين ولإذكاء القومية العربية ضد الخلافة العثمانية وهنا يوضح لنا المؤلف كيف كانت بريطانيا العظمى تلعب على الحبلين، حبل نجد وحبل الحجاز لإقامة قوتين تتصارعان فيما بينهما وإبقاء القلاقل في المنطقة، ويبدو أنها كانت تعيل على (ابن سعود) كثيرا ولكنه وبعد هزائمه المتكررة في معركة جراب السابقة وبعدها معركة كنزان ضد قبيلة العجمان (1915)  أصبحت تشكك في قدراته فعادت لحليفها السابق وابنها البار (شريف مكة).
بعد عام من التعهد الثاني لـ (ابن سعود) للأتراك غدر بهم أيضا ووقع معاهدة (دارين) بينه والسير (بيرسي كوكس) ممثل الحكومة البريطانية التي في نصوصها بعض الشروط المخزية والغريبة مثل البند الرابع الذي ينص على أن (يتعهد ابن سعود بألا يسلم ولا يبيع ولا يرهن ولا يؤجر الأقطار المذكورة ولا قسماً منها، ولا يتنازل عنها بطريقة ما، ولا يمنح امتيازاً ضمن هذه الأقطار لدولة أجنبية ( يقصدون هنا الدولة العثمانية) بدون رضا الحكومة البريطانية، وبأن يتبع مشورتها دائماً بدون استثناء على شرط أن لا يكون ذلك مجحفاً بمصالحه الخاصة)  أو البند السادس الذي فيما نصه: (يتعهد ابن سعود كما تعهد آباؤه من قبل، بأن يتحاشى الاعتداء على أقطار الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عمان التي هي تحت حماية الحكومة البريطانية ولها صلات عهديه مع الحكومة المذكورة، وألا يتدخل في شؤونها. وتخوم الأقطار الخاصة بهؤلاء ستُعين فيما بعد(
وفي كل هذا إشارة واضحة بعدم حرية ابن سعود في حكم أرضه وأنه لا بد من مشورة الإنجليز كما تجد جملة ( كما تعهد آباؤه ) وهذا يعني وجود علاقات سعودية – إنجليزية قبل قدوم عبد العزيز.
وتسير الأيام وفي عام ( 1916) اجتمع (كوكس) مع حلفائه من شيوخ الخليج في الكويت وفيها ألقى (ابن سعود) خطبته الشهيرة المثيرة للجدل والتي لم ترق لأحد ما عدا (كوكس) نفسه وفيها ذكر فضل الإنجليز مهاجماً الأتراك وطريقة إضعافهم للعرب وتفريق شملهم وممتدحا الطريقة الإنجليزية التي كانت تمارسها بريطانيا من أجل وحدة العرب وقوتهم. وبعد نهاية الخطبة مُنح لقب (فارس) وسمي ( سير عبد العزيز ).

بعد انتهاء هذا الفصل المحزن تطرق المؤلف في الفصل الثالث لجماعة ( الإخوان ) ،تلك القوة البدوية التي كانت الذراع العسكري القوي جدا لابن سعود والتي كان يستخدمها لبث الرعب في أنحاء الجزيرة العربية, تلك القوة التي كانت تحوي جماعة من البدو المتعصبين دينيا والمتشربين بدعوى (الجهاد) والذي منحهم (ابن سعود) الأرض والمال لكسب تأييدهم بالترهيب والترغيب كما قام بطبع عدد كبير من كتاب محمد بن عبد الوهاب (الأصول الثلاثة وأدلتها) في الهند وعلى حسابه الخاص ليتسنى نشر أفكار الشيخ في أرجاء الصحراء. وبحلول (1917) كان هناك أكثر من (200) مستوطنة (ثكنة عسكرية ) في أرجاء نجد فيها حوالي (60000) رجل تحت تصرف (ابن سعود). ولا يغيب عن أحد مجزرة الطائف، تلك المدينة  التي فتحت أبوابها للإخوان ولم يبدِ أهلها أية مقاومة.ولكن الإخوان استخدموا القوة المفرطة حتى إن قاضي المدينة والشيوخ التجئوا للمسجد فتم إخراجهم من قبل (الإخوان) و دمروا بيوتهم بعد نهبها وقطعت الحناجر وألقيت الجثث في آبار المدينة في حالة من الهيجان خلَّف أكثر من (300) قتيل، كل ذلك من أجل أن يسمع أهل مكة بتلك المجزرة فلا يبدو أية مقاومة وإلا فمصيرهم كما هؤلاء ويبدو أن الرسالة وصلت فعلا ، فمدينة مكة المكرمة لم تبدِ أية مقاومة .
دخل (ابن سعود) مكة المكرمة عام (1924) وأعلن بدهائه السياسي وبُعد نظره أن مصير الأماكن المقدسة في يد كل المسلمين، وأن تحديد مصيرها السياسي يجب أن يتم تحت مظلة اجتماع الأمة الإسلامية. ثم أرسل قواته ( الإخوان) للمدينة المنورة واستسلمت (1925) وفي (6 يناير 1926) أعلن ما يلي: ((وبما أني أجد أن العالم الإسلامي غير مهتم بهذه المسألة المهمة – مسألة تحديد الحكم في الأماكن المقدسة- فقد منحت أهالي الحجاز الحق في أن يقرروا ما يشاؤون)) ، وبعد صلاة الظهر من (8 يناير 1926) كان عبد العزيز يسير بجانب إمام الحرم الذي أعلن اسم ملك الحجاز الجديد.
 .
.



نكمل ما تبقى في حلقة قادمة بإذن الله ونجد فيها قصة البترول وبداية الإهتمام العالمي بصحراء العرب .