بعيدا عن الريبة.






جميلة هي لحظاتي بجانبك، نرشف من رحيق الهدوء، ونحتضن الأمل السعيد تحت رداء البسمة الشفافة والحب الصافي والعشق الأبدي.

نتناسى مرارة الماضي البائد ، فهو واقعٌ ميتٌ لا روح له تمشي بالطرقات. فلنجليه عن صدورنا و ونطرد خياله بعيدا عن أرواحنا، ونفرش القلب من حلو اللحظة وعذوبة الوقت و نُجمله برائحة الأنفاس الزكية.

فلنعش بداخل أنفسنا، ونلبي احتياج أرواحنا ،ونوردها موارد الكلأ الربيعي الزاهر، لتنشأ ربيعية الهوى، ملائكية الطباع، ولندع ما يهلكها من عيش الصحاري التي لا نملك منها ذرة رمل.

الأوهام قد تحلق بنا في السماء وتقعدنا على أرصفة الجوزاء لنلاعب من هناك طائر النورس الجميل، ونزيح بأكفنا رذاذ السحاب عن خدودنا ونرى الأرض زرقاء كأنها السماء. ولكن الوهم يتبدد والحلم تقتله اليقظة وما كان يُعاش ويُلمس يهرب وكأنه السراب، فنصحو لمعالجة جراح الحرمان الغائرة، ومداواة القلوب المكلومة، ومعاقرة الألم القاتل.

لحظة الحقيقة هي الحقيقة الأبدية والماء الزلال والعبق الطيب الذي لن يزول، وإن زال -وهذه قدرة الخالق- فسيبقى أثرها واضحا جليا كالشمس، تُنيرُ الكون وتبعث الدفئ ..

لحظة الحقيقة قد تُرى من أكثر من جانب ، فإن لم تعجبك من جهة المغرب فأدر نظرك وانظر لها من جهة المشرق، وحتما ستبهرك وتنال رضا نفسك ومبتغى رجاك.


جميلة هي حقيقتي بجانبك مشرقةٌ مقبلةٌ غير مدبرة.





نُورك في ظلمتك .









في صدري ظلمةٌ يا ليلُ.
أيا ليلٌ ينير بظلمته لآلي النجوم.
ويُكحل بفنِ رسمِه مُحيطَ القمر.
ليلي الطويل.
ليلي العميق.
ليلي الأسود.
ليلي يا ليل العاشقين.
ياليل الفجّار المخمورين.
يا ليل المظلومين .
يا ليل الفقراء والمساكين.

ألست يا ليلُ تلفُ العشاقَ تحت كنفك؟
ألست يا ليلُ تُلهمُ الشعراءَ أجزل شعرك؟
ألست تحرس الأطفال في مِهادهم وتُنزلُ  السكينةَ على آبائهم ليهنئوا بالعش الدافئ والعلاقة المقدسة؟
ألست تتألمُ مع الآهات والونات؟
ألست تبتسمُ لتبادلون القبلات؟
ألست تحارب النار لتعود كل مساء؟
ألست تشجو بألحان النوم ليهنأ النائمون؟
ألست ترسل أحلام السعادة لتلقيها في أفئدة التعساء؟
أنت رجاءٌ يأخذُ بأبصارنا في عمق ظُلمتك لتتخطى بنا الحدودَ بأجنحةِ البصيرةِ التي تَرى مُغمضة الجفون.
أنت سكينةٌ تلُفنا بدثارِ الهدوءِ لتَصدَ عنا ضجيجَ النهارِ وصوتَ الغضب.
أنت رحمةٌ تمنحُنا درعَ الأمانِ المُتكسر عليها سهام قسوة الزمان.
نسماتُك أيا ليلُ ذات الرقة تحملنا بريشة الأحلام الوردية فوق أودية الثعابين السامة وجبال الذئاب الناهشة لتمرح بنا بين المروج الخضراء المنصته لهمس القمر.
تحت دثارك تَهِيجُ عواطف المحبين وقلوب الذاكرين لله، الموحدين له .
كنتَ مُؤنسي حتى أزحت عن كاهلي خُرافة الخوف التي تُحاك ضدك. وأبدلتها بطمأنينة أطيب من طمأنينة طفلٍ بين أحضان أمه.
حبيبي أجمل، وجأأ  أجملُ مكتسياً دلال السحاب الراقص في سماء ظُلمته، لتكون له أنت مسرحاً راقصاً تُصفِقُ له النجومُ والكواكب .

للجبال لطفٌ لا تبديها إلا وأنت تحتضنها تحت ساعديك، وللهواء حُنُوٌ لا يبذله إلا تحت وطأة قدميك .

يتكاتف البشر نهاراً لبناء قصورِ الوحشة فوق أسوار المقابر بحجارة الاستعباد، وأتكاتف معك لبناء معابدَ الروح فوق قمم التجلي والخضوع لرب السموات.
فيك تتغير ملامح العشاق و تنحجبُ قتامة الوجه وراء نقاب التأمل والتفكير واللوعة والشوق، ويسري صوتُ العذوبة والحلاوة الذي يُضارعُ نغمة الناي ليقطع صوت نبضات الأفئدة المتقدة وتلتقي الشفاه .
فيك أجفاني تبتسم كالشفاه وترفرف كأجنحة البلابل وقد اكتحلت بأحلام الأمل والفرح .
فظلامك سراجُ قلبي ووحشتك أنيسُ وحدتي وشجنك اندمالُ جرحي .