إن أردت بأمة نهضة وعلو مقام ورقي تفكير وقوة اقتصادية ولحمة أخوية فانظر لمؤسساتك التعليمية وضعها تحت المجهر وكامل بين أركانها . فالتعليم هو التحدي الأكبر في كل المجتمعات البشرية . فاليابان مثلاً بعد هزيمته في الحرب قبل بكل شروط دول التحالف ماعدا شروطهم التي مست جوانب التعليم واللغة والثقافة.
فالتعليم الناجح يجب أن يصب في مصلحة المنظومة الثقافية والدينية التي ينتمي لها المجتمع والتخلص من التقليد والتبعية.
ومن الركائز الأساسية لتخريج شباب متعلم وناضج وقادر على مصارعة الحياة هو التخلص من الازدواجية والمتناقضات بين البيت والإعلام والتعليم. فالجميع يجب أن يسيروا في خطوط متوازية تصب في النهاية في مصب واحد ، حتى لا يولد شخصيات مهزوزة وأشكال مشوهة ذات تفكير مزدوج.
وواقعنا الحالي يموج في كثير من الضغوطات الحياتية الاقتصادية والتفكيرية فلم تعد تتضح الرؤية وأصبح التمييز بين الحقائق من الأمور الشائكة المستعصية أحياناً، وخاصة لمن فقد القاعدة القوية التي تعزز القيم والأخلاق وفهم الدين فهماً بعيداً عن ما ورثناه من تقاليد وعادات. بل نحتاج إلى فهم الدين كما فهمه الجيل الأول من المربي الأول، ودمجه مع متطلبات العصر فكلاهما لا يتعارض مع الاخر.فالشريعة الاسلامية لم تكن ديناً علاجياً فقط بل ديناً وقائياً قبل ذلك ويمدك بمبادئ وقيم يصاحبها مقاييس ومعايير تجد فيها ما تريد.
وفي ثنايا الضغوط التي تواجهنا نجد هذا الضغط الإعلامي والبث المتواصل من قنوات تعبد المال لزيادة رأس المال ، والتي تناست في خضم ذلك كل معايير القيم والأخلاق . فإعلامنا وبكل أسف لا يراعي أبسط الوسائل التربوية ولا الفروقات الفردية والتربوية والمعيشية ويتساهل في التبجح والانحلال الاجتماعي. وأصبح يصدر ما يريده على أنها حقيقة المجتمع حتى ولو كان ذلك مخالف للواقع .
فالإعلام العربي يجسد الواقع ويسلط الأضواء على الفساد والرذيلة وهذا أمر جيد ولكن مع تضخيمها وابرازها على أنها مواقف بطولية وهنا تكمن المشكلة. فهو يصور لنا المرتشي والسكير والزاني والسارق على أنهم أصحاب حق ونتيجة ظلم مجتمع ، ورجال الدين وركيزة المجتمع على أنهم ظالمون مستبدون لا يراعون حقاً لأحد.
وياليتهم لو يأخذون من قصة يوسف عليه السلام التي سردها لنا القران بأسلوب راقي وبإطار أدبي متكامل الجوانب , فهو ذكر لنا لحظة الضعف والفساد في امرأة العزيز مع يوسف عليه السلام وأبرز لنا التعدي منها ومحاولتها ممارسة الرذيلة معه ولكن بدون تضخيم ولا تجني ، وفي نهاية القصة يتجلى لنا الحق من الزيف والكل يتمنى أنه مكان يوسف عليه السلام.
كلنا ننادي ونريد إعلاماً حراً ولكن نزيهاً فعندما لا نستطيع أن نقول هذا خطأ وهذا صواب فهو تخلف وكبت للحرية ، فلا تناقض بين حرية الإعلام ومصلحة المجتمع بل كلاهما يخدم الآخر. ولكن عندما تغلب مصلحة المؤسسات الإعلامية على مصلحة المجتمع نجد إعلام ما يسمى إعلام ما تحت الحزام.
وتتميز المجتمعات عن بعضها بأن كل مجتمع يملك نظاماً عاماً يخصه، ويجب على الاعلام احترام هذا النظام وممارسة الحرية داخل إطاره. فمثلاً في الاعلام الغربي الذي لا يملك خطوط حمراء تم منع فيلم المسيح من قبل محكمة حقوق الانسان لأنه مخالف لنظام المجتمع بعد مطالبة الكثير بإيقافه . فتمييع الشباب ونشر الرذيلة لا تسمى حرية بل هي انحطاط بالمجتمع من آدميته إلى حيوانيته.
وفي داخل هذه الأعاصير القوية يجب على كل شخص مضاعفة مسؤوليته عن ذاته والرقي في اختيار الطريق مع الجدية في احترام النفس وانتقاء المكان الصحيح لموضع القدم. مع الأخذ بمعطيات العصر وبناء الثقافة الشخصية بعيداً عن المواريث والعادات المتلقاة، والارتقاء بالقناعة الفكرية المصاحبة للدليل والوثوق بدينٍ نعلم شموليته ونعلم تاريخه الناصع.
24 التعليقات:
الله يعطيك العافية ابونوى من لايراقب ربه فمراقبته نفسه تكون ضعيفه..
اين الضميرA
السلام عليكم
رائع كلامك كعادتك
صدقت لو كل واحد راعى مسؤوليته و خطط قبل لا يتقدم خطوه الى الأمام لكنا الآن احسن مما نحن عليه الان
لكن للاسف ضيعنا امانتنا و ضيعنا ثقتنا بانفسنا وفوقها ضيعنا دينناوجلنا ننتقد بعض ونراقب بعض حتى ضعفنا
فلنستحق ما اصابنا
كلام سيلم.. وفي الصميم
مع الاسف فقد كثرت الزيجات والمواضيع والبرامج التافهة... جعلت معضم الناس ينتمون لفئة التبعية وبذلك يشربون هذه الاخيرة لجيل كامل بل لأجيال عدة وبذلك نكون قد انتجنا عقولا فارغة لا شخصية لها... تقلد ما تراه في اماكن اخرى من هذا العالم... وهذا الانجاز العظيم يكون سهلا وسريعا بوجود اعلام فارغ وغير هادف وتعليم يفتقر للتعلم .... يالها من معادلة فاشلة نعيشها ونتعايش معها بصمت.
فعلا مبدع يا اسمري
خالص المنى
N
اعجبني المقال ..لاكن سررت جدا وابتهجت غبطتا بالفرح بذكرك ليوسف عليه السلام فأنا احب يوسف عليه السلام جدا جدا واتمنى من الله ان يجمعني به في الدنيا والآخرة اللهم أمين
http://www.infowksl.com/2011/12/1x3.html
نعم كلام في الصميم
ليت كل شخص يعرف كيف يبني لا يهدم
دمت يا راقي ودام نبضك العذب
وكأنهم بشر من نوع اخر
ولاجل ذلك أستحقوا أن يكونوا دول العالم الأول
لأنهم عملوا بأخلاص ..
تحياتى لك
صراحة نفتقد في العالم العربي تعليما وإعلاما هادفين يرتقيان بالفرد والمجتمع إلى مصاف الأمم المتقدمة، هي سياسة بغيضة تخدم مصالح النخبة وتهمش السواد الأعظم من فئات الشعب..
نحتاج نهضة شاملة ورؤيا واقعية يتبناها الجيل الجديد
تحياتي لك
مساء الخير
كلام سليم وفي الصميم
شهوده
الله يعطيك العافية بندر
وتسلم اناملك
على ها الكلام القيم
موضوع جداً رائع ومميز ومو غريب عليك أستاذ بندر
وأهنيك على اللوك الجديد وأعتذر على التأخر في زيارة مدونتك لإنشغالي الشديد هذه الأيام.
موفق يالغالي.
قبل كل شىء اعتذر عن غيابي على مدونتك لاسبابي
ومبروك عليك الستايل الجديد وهو رائع وراقي مثل صاحبه
بالفعل نتمنى ان نرى اعلام يصل لكل العقول باهذاف وفكر سليم يبنى الفكر بقيم اسلامية ...ما نقدر تقول شىء فقط انه ليس هناك مراقبة ولا اي اكتراث بما يحصل كل يوم عم نرى اكثر ما عم نشوف شىء احسن...لكن لا ننسى انه هناك اعلام ماشاء الله عليه يوصل ثقافة واخلاق دينية وتربية خلوقية ومعرفة
ونتمنى ان نجد هذا في كل الاشياء
موضوعك رائع وقيم ويستاهل انه يكون بخمس نجوم من روعته
وهذا ليس بالشىء الغريب عن استاذ تعودنا منه الموضيع القيمة والاحرف الهادفة
تقديري لك وانا دائما اعتز ان اكون هنا بين حروفك سلامي لك
يعطيك الف عافيه اخوي بندر
كلام سليم ورائع بكل ما تعنيه الروعه من معنى
راق لي جدااا
ومبروك الستايل الجديد مجدد الشكل و الاسلوووب * ـ ^
تحياتي لك
غير معروف:
الله يعافيك ويحفظك ..
غياب الضمير قد يكون هو المسبب الرئيسي لكثير من المساوئ التي توجد في حياتنا..
لك تحياتي ..
عزيزتي سفيرة المحبة:
كلامك صحيح وعنده مربط الفرس..
حضورك دائما يحمل معه الروعة ..
لك تحياتي..
انثى استثنائية:
أهلا بك .
لقد لخصت ما أردت قوله ..
لك تحياتي ...
أخي العزيز وسيم:
وأنا أيضا اعجبني تواجدك..
كن بالقرب..
لك تحياتي..
العزيزة همسات أنثى بلا حدود:
دمتي لنا وبحضورك الرائع..
لك تحياتي..
الغالي قوس قزح:
شرفتني بحضورك وبتعليقك الهادف ..
لك تحياتي..
الاستاذة العزيزة أمال الصالحي:
قبل أن أقرأ حروفك .. فتواجد قامة مثل قامتك بين حروفي لهو شرف كبير .. أشكرك عليه ..
التعليم والاعلام هما ما يساعدنا للإبحار في بحار التقدم والحضارة .. ولكنهم لا يريدون..
لك تحياتي وودي ..
شهودة الغالية:
أشكرك على متابعتك الدائمة .. لا حرمنا منك..
لك تحياتي...
عزيزتي خديجة:
عافاك الله وسدد خطاك..
سلمتي وسلم حضورك..
لك تحياتي..
استاذ سعد الحربي الغالي:
نتمنى لك التوفيق وأعانك الله ..
شكرا لحضورك..
لك تحياتي..
عزيزتي منار:
عذرك مقبول .. ودعواتي لك بالتوفيق ..
وبارك الله فيك ..
ولي الفخر بأن مثلك يتابعني ..
كوني بالقرب دائماً..
لك تحياتي منار..
سوسو الغالية:
أهلا بك .. ليس الكثير من التجديد ولكنها خلجات في النفس ..
بارك الله فيك ..
كوني بالقرب..
لك تحياتي..
إرسال تعليق
اهمس لي