من المبدأ الذي يقول الجسم السليم
وعاءٌ للعقل السليم .
فسأضرب المثل من غير اعتداء، وأطلب الصفحَ على الأخطاء، فأنتم أصحابي من أهل الذكاء، وأهل المشورة والدهاء، فاقبلوها مني رغم
الخَواء، وبلا غيظ وحقد وهذا رجاء.
فهناك من بني جلدتي هوامٌ تسير، تأكلُ
اللحم والثريد، بالبلع والزريط.
كفه المخراش، لا خوف ولا ارتعاش، يلتقم
اللقمة مرميًا على الفراش، غالقًا سمعه مبتعدا عن الفهمِ والنقاش، ومن الفراش يُنقلُ إلى غرفة الإنعاش، فلا يُسأل أميتٌ هو أم عاش.
المعدةُ خلاط، تُتقنُ الشبك والاختلاط، وهرسَ كل ما على السماط، مهما بلغت الأصناف والأنماط، فلا يصيبها المللُ ولا الإحباط، بل من نشاطٍ إلى
نشاط. ولو دخلها ما بين طنجةَ والرباط ، ما زادها إلا من الشحمِ أمشاط.
ولا تسأل في الفمِ ماذا صار؟ فقد توقف
العقل واحتار ، فنادى يا رب يا ستار، وأسدل من العجبِ الأستار، ففي القطعِ كأنهُ
الصارمُ البتارِ، وفي التقليب كأنه مكينة عطار، فترى الداخلَ من اللحمِ والثمار، يصيبُه الخرابُ والدمار، فلا
يقوى إلا أن ينهار، أمام صاحب القوةِ الجبار، وبعد أن كان حقيقة أصبح تذكار، ولا
فرق عنده بين باردٍ أو حار، أو حامض أو به
رشةَ بُهار، فالكل بين فكيه في حصار، ومن ضرر إلى ضرار، ولا مهرب من هذه الضروسِ
والأسوار، إلا لكرش ٍ وأمعاء، كأنها أكبر وعاء، أو دلوٍ من ضِمن الدلاء ، لا تعرف
الشبع والاستغناء ، ولا التعب والإعياء ، أو الخجل والحياء، فلها من القرقرة أصداء،
وبالليل تطلق الثُغاء، فصاحبها مسكين في عناء، فقد أصابه البُعد والجفاء، ومله
الأعداءُ والحلفاء، وكرهَ انبعاثَه الأصدقاء، وليس معه من بنات حواء، لا حمراء ولا
صفراء، فقد تكوَّر كالخنفساء ، فداءه من غير دواء، فكم أعياء من الطب والأطباء ،
فهو يلتهم الغداء في انتظار العشاء.
فيا أهل المشورة والدهاء ، هل هو من معشر
السعداء أم أخٌ لأبناء التعساء ؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق
اهمس لي