ملاحاة رجل ( 2 ) .

بعد أن تناولنا للخصومةَ التي تعرض لها ( أردوغان) في وقت سابق. فسنأتي هنا إلى ذكر الرجل الثاني الذي أودُ أن أُلمح له ولو بلمحةٍ وأوجز له بمُوجِزٍ عن أقواله وأعماله ومما رأيت من صفاته الكريمة وأخلاقه النبيلة وكيف قوبلت بالملاحاة والهجاء. هو – كما رأيته – أحمدٌ وراشدٌ  وسعيدٌ وهذا رسمه وصفته واسمه ، ففضل الله واسعٌ يؤتيه من يشاء، فطابق الاسمُ الحالَ والصفةُ وافقت الموصوف. حمل شمعةَ العلمِ بيده، ليسلط ضوءها على أركانٍ مظلمة، وزوايا حالكة. بعد أن كان الكثير منا يسير في دروب العتمة والسواد، ويتخبط ويحتطب كما ساري الليل وحاطبه. جاء وأهدى لنا سراجاً منيراً، وقنديلا مضيئا. ينير الطريق ويضيء...

ملاحاة رجل (1).

برق في ذهني هذا المصطلح وأنا أرى وأسمع الكثير من الملاحاة في المجالسِ ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا طبعيٌّ ومألوفٌ بيننا نحن العرب، فالرجل منا وهو على كرسي الفراغ ووسائد الخلاء والخواء لا يطفئ لوعته إلا النقد واللوم وتكسير مجاديف قوارب الآخرين حتى لا يصلوا إلى ما لم يستطع هو الوصول إليه . سأعرض بين يديكم مثالين لرجلين نالهم الكثير من النقد والملاحاة والخصومة لا لشيء إلا أنهما صدعا بكلمة الحق، وتناديا بكشف الخونة الكذابين من مؤسسات وأشخاص لهم مشاربهم المتعددة وطقوسهم السرية، ومصالحهم التي تشترك أحيانا وتفترق أحيانا. وأنا هنا لست إلا مجرد مسلطٌ للضوء إلى أمر أزعجني وأساءني، فلكل وادٍ...

مجزرة في رابعة

وفي عامِ أربعةٍ وثلاثين وأربعمائة وألف ولسبع ليال ذهبن من شهر شوال وقعت مجزرةٌ عظيمة ومعركةٌ جسيمة، وَصَبُها شيبَ الشباب، ووقعُها قطَّع الأوصالَ والرقاب. في مكانٍ يسمى رابعة العدوية، من أرضِ مِصر الأبية، أرضُ المعالي والنصرُ دِيرة الإخلاص. و المكرمون أحفادُ ابن أبي العاص، معركةٌ ليستْ ضد مشركٍ أو كافر، ولا ملحدٍ أو من الشهادةِ نافر، تلك كانت حرباً ظلوم، من ظالمٍ على مظلوم، لم تَطْوُل كما داحسَ والغبراء، أو  البسوسَ النكراء، بل صبَّحوهم مع بزغت الشمسِ، وقبل أُفولها لم يبقى لهم من همسِ، ويروى أن فيها سالت الدماءُ في الأزقةِ والشوارع، ونالَ القتلُ من كل حاصدٍ وزارع، وكان البدء بالكهلِ...

من لا عقل له يُحدث ذي عقل. ( ابراهيم البليهي في حائل ) *

أُلقي على سمعي أن الكاتب والمفكر بعد صلاة العشاء،  سيكون في اللقاء، ليزيل الحُزن والشقاء. ولسابق علمٍ عندي بأننا نملِك أزمة تعريفٍ للمصطلحات فلا وجود في قواميسنا العقلية لتعريف لكلمات مثل ( مفكر - مثقف - كاتب ) أو لأي من الكلمات العائمة المطاطية التي تستخدم كثيرا في الإظلال والتموية والتحريف والتزييف، فالأمر فيها على سعته، وللكل الحق في أن يدلي بدلوه مع الدلاء، ويُبَسِّط تعريفه بما يوجب الإدلاء.. ومع هذا أحببت أن أحضر اللقاء .  (مفهوم العقل) عنوانه, وفي النادي الأدبي مكانه. استهلَ نابغةُ عصرهِ، وداهيةُ قومِه، حديثَه وكأنه في معركة، وللآخر لا يرجو سماع كلمة ولا رؤية حركة،...

تبسُم الكلمة مع صاحب كرشِ مستسلمة .

قيل أن كل ذي كرشٍ، يكون ذا عقلٍ. من المبدأ الذي يقول الجسم السليم وعاءٌ  للعقل السليم . فسأضرب المثل من غير اعتداء، وأطلب الصفحَ على الأخطاء، فأنتم أصحابي من أهل الذكاء، وأهل المشورة والدهاء، فاقبلوها مني رغم الخَواء، وبلا غيظ وحقد وهذا رجاء. فهناك من بني جلدتي هوامٌ تسير، تأكلُ اللحم والثريد، بالبلع والزريط. كفه المخراش، لا خوف ولا ارتعاش، يلتقم اللقمة مرميًا على الفراش، غالقًا سمعه مبتعدا عن الفهمِ والنقاش، ومن الفراش يُنقلُ إلى غرفة الإنعاش، فلا يُسأل أميتٌ هو أم عاش. المعدةُ خلاط، تُتقنُ الشبك والاختلاط، وهرسَ كل ما على السماط، مهما بلغت الأصناف والأنماط، فلا  يصيبها...

زواج بالصدفة .

طريدا ذليلا يجر رجليه الحافيتين فوق لهيب رمال الصحراء، راعياً في إحدى القبائل الصحراوية ولم يدر في خلده وعقله في حينها أكثر مما يدور في هوى من تغنَّم غنما وتأبَّل إبلا و الاهتمام بها لتأمين لقمة عيشه من ألبانها ولحومها. ينام ملتحفا السماء من دون أن يقلب ناظريه في نجومها فلا شيء يشغل تفكيره البته. غادر بعد فترة وجيزة من تلك الصحراء بعدما استغنى أصحاب القبيلة عن خدماته. سارت به قدماه حتى وصل سور قرية صغيرة لا يعرف عنها شيئا فأجبره الجوع والعطش والبرد على الولوج ليلوذ بأهلها لعله يجد لقمة عيشٍ أو شربة ماء. وكان في  الطرف الآخر من القرية رجلاً أعجمياً في عينيه زُرقه وفي وجهه حمره ،  كبير...

كالبحر أنتِ.

كالبحر أنتِ بسِعته الواسعة وسِحره الساحر وعُمقه السحيق وغِناهُ الفاحشِ من اللؤلؤ وثرواته التي تحسدهُ عليها الجبالُ والأودية والهضاب والسهول. هو الساحر سحرَ حقيقةٍ لا سحر توهمٍ وخيال وخداع للعين. الساحر بلونه العجيب وهدوءه المُهيب. الساحر بوشوشة صوته وعذب همسه. كمثلُكِ أنتِ. خلابٌ جذابٌ أخاذٌ فاتنٌ رائع. ففي لحظة قُربي من شاطئه وبمحاذاة مائه تتلبسني الراحة وتسترني السكينة فأنظر إليه مستأذنا ملامستهُ بكفي لأقبض منه قبضةً تذرف قطراتها من بين أصابعي كما تذرف دمعتي غِبطةً عند رؤية محياك. زُرقته لون عينيك. وأُفُقه سِعة عينيك. وطعمه دمعُ عينيك. كالبحر أنتِ عند هبوط ليالي البعاد...

اصطفاف

استيقظ ليجد نفسه مرمياً في برميلٍ أصفر مصنوع من البلاستيك نتن الرائحة تغمره السوائل والقاذورات بجانبه تفاحة فاسدة وقلم ودفتر . أرخى رأسه المتعب مع زفرة خرجت من صدره محاولاً استيعاب ما حدث قبل لحظات.  أين كان... وأين أصبح... تلمس جسده ..  تحسس بدنه.. لقد فقدتُ كل شيءٍ . . . قالها ودمع قلبه ينزفُ قبل دمع عينيه.  كان حروفا متناثرةً في عقل كاتبٍ حذقُ الصنعة ،متقنٌ لها، مهووسٌ بالإبداع ،مواظبٌ على العبقريه. ثم وبكل أناقةٍ انسكب حرفا حرفا، على ورقٍ فاخرٍ ليبني قصراً من الكلمات ِالسهلةِ المنقادةِ الممتعةِ الباذخة. خُلقَ واكتملَ على أتم خِلقه. تأزَّرَ بالإبداعِ، وتسربلَ...

خوف المستقبل.

  قال لي: إن عمره مقسوم إلى قسمين : قسم يبدأ من لحظة مولده قبل خمس وثلاثين سنة وحتى قبل سنتين من الآن. والقسم الاخر يبدأ من قبل سنتين حتى اللحظة. والعجيب أنه لم ينتبه لهذا التقسيم الحقيقي إلا في هذه المرحلة من حياته مما دعاه لأن يصرح لي بهذا الكلام، وكأنه يرى نهايته أو نهاية خطٍ رسمه لنفسه وسار عليه فترة من الزمن وهو الذي كان متوقعا نهاية مغايرة لنهاية الطريق التي رآها الان. للتو لاحظ أن نقطة التحول التي مر بها ولم يشعر، وكأنه كان يسير أثناء المرور بها في نفقٍ مظلمٍ أقحمَ نفسَه بدخوله من دون أن يتزودَ بالإضاءة اللازمة، تلك النقطة هي التي جعلت الجزء عنده جزأين ، والعمر عمرين .. ولكن...