سألتُ صاحبي الصحفي : لماذا هذا التهويل؟
فأجاب بكلمات مقتضبات أبانت لي عن تفكيرٍ مغلوط وتفسيرٍ رأيتُ فيه بعض الجهالة
ولكنها تحوي بين حروفها الكثير من التأويلات والتي قد غفل عنها صاحبي عندما أجابني
عن سؤالي بقوله: (إلي تكسبه إلعبه) هذا الجواب الحاضر والذي ما أتى إلا من سياسية
مُتبَعة ودورات تدريبية حفَّظتُه، وأقول حفَّظته هذه الكلمات الثلاث. في هذا
الجواب نجد وسيلة تبرير أكثر من أنها تقرير بالإضافة للكثير من المغالطات إن لم
تكن كلها ولكن تجاوزناها تجاوزا.
المكسب والكسب لفظة عامة وهو حق مكتسب لكل
فرد في المجتمع فمنها الكسب المادي والكسب الأخلاقي والقيمي والاجتماعي والكسب
العقلي وغيرها فهناك من يريد جمع المال وهذا طَبْعي وهناك أيضا من يجمع القيم ويكسب
الثقافة وهناك من يهوى جمع الفوائد وتقييد المعلومة، فهي عامةٌ عامة ولا نجادل على
هذا، ولكن في عُرفِ صاحبي لا تتجاوز أن تكون دراهم يعدها عدا، ويقلب النظر بين
طياتها ورموزها، بزيادةِ عدد المبيعات ومُغازلةٍ للشركات المُعلِنة. وهذا قد يحمل
في بعض جنباته التجارية نوعا من الصحة، ولكننا لا نعيش في مجتمع تجاري محض، فهناك
جوانب عدة لا يجب اغفال النظر عنها أخلاقية كانت أم اجتماعية ودينية، فأنت على
منبر صحفي إعلامي ولست في ديوانية خاصة، فإن أردت مخاطبة الجمهور فكن على قدر ذلك
واحترم عقله.
وبالعودة إلى جملة (إلي تكسبه إلعبه) ففيها
تشريع لكل الطرق الممكن اتخاذها وجعل الأمر إطلاقا مهما كانت للوصول للهدف
الرئيسي، فلك مُطلق الهوى في اختيار السبيل الذي تهواه والطريقة التي تريدها، لا
تمييز فيها لخيرٍ عن شر، فإن حررت خبرا عن فقيرٍ أو شهَّرت بشخصية مظلومة فالأمر
سواء، أو أتيت بطابع الأمانة أو تسربلت بسربال الكذب والخيانة فكذلك الأمر سواء،
ولا توقُف إلا إذا توقَفت الدراهم عن الانسكاب. فهذا هو العرف المتبع- في تفسير
الجُملة- على الأغلب وهذا لا يسلب الأمر حقه فهناك آخرون نزهاء أمناء أحرار لا
يُبهرهم بريق الذهب ولا لمعةُ الفضة وإن أرادوها أخذوها ولكن باللعب السليم لا اللعب
الأعرج، وبمنطق العقلاء لا بمنطق عبدة المال.
ميزان الواقع المتكامل بكافة كفوفِه هو الميزان
العدل لتبيان المكسب العام النهائي، فحصولك على المال لا يعني أنك جنيت ثمرة
الفائدة وكذلك إن كتبت شيئا مفيدا فهذا لا يعني أنك ستصبح غنياً، فالأمر أعم وأشمل
من اختزالِ العقل للنظر تحت الأقدام فقط، أيضا لا يجب أن نتعذر بـ (المجتمع عاوز
كده) لتبرير أفعالنا وحماقاتنا وكذبنا وافتراءاتنا عليهم، فكم من صحفي أصبحت لُقمته
وأكل أولاده تأتي من كلمةِ ظلم قالها، أو لفظةِ افتراء أدلى بها، أو سترٍ عن مكان
الإبانة وإبانةٍ عن مكان الستر أو من تشهيرٍ بمسكينٍ مظلوم أو ظلمِ مسكينٍ مشهور.
لا أخفي عنكم أن صديقي هذا كان يحرر الأخبار أحيانا من رسائل الواتساب.
(إلي تكسبه العبه) نعم إن كانت أهدافك راقية
وقيمك عالية ونظرتك صائبة وهمتك عالية، ولنجعل المكسب الصحفي نشرَ ثقافة حقة وبناء
حضارة راشدة فيها تبيانٌ للصدق وسدٌ للزيف والدجل، فربما كلمة حق منك أخي الصحفي
نبهتْ عقلا نائما وأنارتْ طريقا لمُتشكك حائر تعود عليكَ أو على أحد أبنائك
مستقبلا بمنفعة وثواب، و لا تنسى أن الأرزاق بيد الكريم المنان والسعي مطلوب، فأبدل
إجابتك واجعلها (إلي تكسبه العبه، في رضاء الله).
1 التعليقات:
للأسف نظام "اُكتب كما يوافق مبيعات الصحيفة" هو النظام المتبع في الصحافة الحالية،بالنسبة لي كـ قارئ كل الأخبار إشاعة حتى تثبت صحتها! و من كثرة الأخبار الكاذبة كونت فهم خاص لها هو كالتالي: غالبا ما يصاحب الخبر "المضروب" زوبعة إعلامية إعلانية لمقاصد تكون مخبئة مابين السطور، فكل كاتب يكتب عن الخبر بتوابله الخاصة. لذلك أغلب الصحفيين خاصة المشهور منهم يكتب لمصلحته "الدنيوية" الشخصية، فالمعلومة من مصدر خاص به! كونه مشهووور و بالطبع هذا أول إعلان لمقالته، طبعا غير التغريد بتويتر بكم عبارة رنانة و رابط يقول إضغطني. و ما إن تشرع بقراءة المقال حتى يتضح لك أنك خدعت و عقلك قد أهين! فتعد نفسك أن لا تكرر مثل هذا الخطأ مرة أخرى لكن هيهات فكل خبر تافهة او قصة أتفه من أن تروى تحاط بزوبعة أكبر من التي سبقتها فتضطر لقراءة المقال حتى تحدد بنفسك جده من هزلة و أهمية تداوله.
أصبحت أعتقد أن كل ما هو معلن و واضح للقراء، مشكوك بأمره و على الأغلب لن يضيف جديد الا تخريب للذوق العام. حتى وإن لم أفقه كل شيء، أحاول أن أنتقد و أنتقي و أفكر بالغرض من طرح الفكرة بالمقالة؟!
كل ما أرجوه أن يفكر القراء قبل إتخاذ أي موقف من أي مقالة.
لا أرجو شي من أغلب الكتاب "الصحفيين" فهم يبحثون عن لقمة عيشهم بأي أسلوب كان و لا أظنهم يبحثون عن نهضة و رقي أو تربية فكر سليم، لكن أملي بالقراء الأعزاء.
إرسال تعليق
اهمس لي